للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جَزَاؤُهُ وَاَلَّذِي لَهُ قُدْرَةٌ لَكِنْ لَا يَرَى مَا فَعَلَ إنْ جَازَاهُ بِلَا عِلْمٍ كَانَ ظَالِمًا مُعْتَدِيًا فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ الْعِلْمِ بِمَا فَعَلَ. وَلِهَذَا كَانَ الْحَاكِمُ يَحْتَاجُ إلَى الشُّهُودِ وَالْمُلُوكُ يَحْتَاجُونَ إلَى أَهْلِ الدِّيوَانِ يُخْبِرُونَهُمْ بِمَقَادِيرِ الْأَمْوَالِ وَغَيْرِهَا؛ لِيَكُونَ عَمَلُهُمْ بِعِلْمِ. . . (١) ذَكَرَ أَنَّهُ خَلَقَ الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ؟ وَلَنْ لِنَفْيِ الْمُسْتَقْبَلِ يَقُولُ: أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ أَحَدٌ وَلِهَذَا كَانَ ذَاكَ الْخَائِفُ مِنْ رَبِّهِ الَّذِي أَمَرَ أَهْلَهُ بِإِحْرَاقِهِ وذرايته يَعْلَمُ أَنَّ الْجَزَاءَ مُتَعَلِّقٌ بِالْقُدْرَةِ فَقَالَ: {لَئِنْ قَدَرَ اللَّهُ عَلَيَّ لَيُعَذِّبَنِّي عَذَابًا مَا عَذَّبَهُ أَحَدًا مِنْ الْعَالَمِينَ}. وَهُوَ سُبْحَانَهُ يُهَدِّدُ بِالْقُدْرَةِ لِكَوْنِ الْمَقْدُورِ يَقْتَرِنُ بِهَا؛ كَمَا يُهَدِّدُ بِالْعِلْمِ لِكَوْنِ الْجَزَاءِ يَقَعُ مَعَهُ كَمَا فِي {قَوْله تَعَالَى {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا نَزَلَتْ: أَعُوذُ بِوَجْهِك أَعُوذُ بِوَجْهِك {أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ} فَقَالَ: هَاتَانِ أَهْوَنُ} وَذَلِكَ لِأَنَّهُ تَكَلَّمَ فِي ذِكْرِ الْقُدْرَةِ وَنَوْعِ الْمَقْدُورِ كَمَا يَقُولُ الْقَائِلُ: أَيْنَ تَهْرُبُ مِنِّي؟ أَنَا أَقْدِرُ أَنْ أُمْسِكَك. وَكَذَلِكَ فِي الْعِلْمِ بِالرُّؤْيَةِ كَقَوْلِهِ هُنَا: {أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ}


(١) بياض بالأصل