لَرَأَيْت هَوْلًا عَظِيمًا؛ فَلَيْسَ فِي ذِكْرِ الْجَوَابِ زِيَادَةٌ عَلَى مَا دَلَّ. . . (١) الْمُحَرَّم وَهُوَ أَيْضًا تَنْبِيهٌ. فَإِذَا أَقْسَمَ بِهِ وَفِيهِ الْحَلَالُ فَإِذَا كَانَ فِيهِ الْحَرَامُ كَانَ أَوْلَى بِالتَّعْظِيمِ وَكَذَلِكَ إذَا أُرِيدَ الْحُلُولُ فَإِنَّهُ هُوَ السَّلْبِيُّ فَالْمَعْنَى وَاحِدٌ. [وَقَدْ أَقْسَمَ بـ {التِّينِ وَالزَّيْتُونِ} و {الْبَلَدِ الْأَمِينِ} . وَالْجَوَابُ مَذْكُورٌ فِي قَوْله تَعَالَى {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ} وَهُوَ مُكَابَدَةُ أَمْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ] (*) وَهَذِهِ الْمُكَابَدَةُ تَقْتَضِي قُوَّةَ صَاحِبِهَا وَكَثْرَةَ تَصَرُّفِهِ وَاحْتِيَالِهِ فَقَالَ تَعَالَى: {أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ} {يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالًا لُبَدًا} {أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ} فَهَذَا الْإِنْسَانُ مِنْ جِنْسِ أُولَئِكَ الْأُمَمِ وَمِنْ جِنْسِ الَّذِي قَالَ: {مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ} {هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ} لَهُ قُوَّةٌ يُكَابِدُ بِهَا الْأُمُورَ وَكُلٌّ أَهْلَكَهُ أَفَيَظُنُّ مَعَ هَذَا أَنَّهُ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ فَيُجَازِيهِ بِأَعْمَالِهِ؟ وَيَحْسَبُ أَنَّ مَا أَهْلَكَهُ مِنْ الْمَالِ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ فَيَعْلَمُ مَا فَعَلَ؟ وَالْقُدْرَةُ وَالْعِلْمُ بِهِمَا يَحْصُلُ الْجَزَاءُ؛ بَلْ بِهِمَا يَحْصُلُ كُلُّ شَيْءٍ وَإِخْبَارُهُ تَعَالَى بِأَنَّهُ قَادِرٌ وَأَنَّهُ عَالِمٌ يَتَضَمَّنُ الْوَعِيدَ وَالتَّهْدِيدَ؛ فَإِنَّهُ إذَا كَانَ قَادِرًا أَمْكَنَ الْجَزَاءُ وَإِذَا كَانَ عَالِمًا أَمْكَنَ الْجَزَاءُ فَبِالْعَدْلِ يَقْدِرُ مَا عَمِلَ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ قَادِرًا عَالِمًا لَمْ يُمْكِنْهُ الْجَزَاءُ فَإِنَّ الْعَاجِزَ عَنْ الشَّخْصِ لَا يُمْكِنُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute