بِهَا وَلِهَذَا كَانَتْ أَثْمَانًا؛ بِخِلَافِ سَائِرِ الْأَمْوَالِ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ الِانْتِفَاعُ بِهَا نَفْسِهَا؛ فَلِهَذَا كَانَتْ مُقَدَّرَةً بِالْأُمُورِ الطَّبْعِيَّةِ أَوْ الشَّرْعِيَّةِ وَالْوَسِيلَةُ الْمَحْضَةُ الَّتِي لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا غَرَضٌ لَا بِمَادَّتِهَا وَلَا بِصُورَتِهَا يَحْصُلُ بِهَا الْمَقْصُودُ كَيْفَمَا كَانَتْ. وَأَيْضًا فَالتَّقْدِيرُ إنَّمَا كَانَ لِخَمْسَةِ أَوْسُقٍ وَهِيَ خَمْسَةُ أَحْمَالٍ فَلَوْ لَمْ يَعْتَبِرْ فِي ذَلِكَ حَدًّا مُسْتَوِيًا لَوَجَبَ أَنْ تَعْتَبِرَ خَمْسَةَ أَحْمَالٍ مِنْ أَحْمَالِ كُلِّ قَوْمٍ. وَأَيْضًا فَسَائِرُ النَّاسِ لَا يُسَمُّونَ كُلُّهُمْ صَاعًا فَلَا يَتَنَاوَلُهُ لَفْظُ الشَّارِعِ كَمَا يَتَنَاوَلُ الدِّرْهَمَ وَالدِّينَارَ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الصَّاعَ اسْمٌ لِكُلِّ مَا يُكَالُ بِهِ؛ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: {صُوَاعَ الْمَلِكِ} فَيَكُونُ كَلَفْظِ الدِّرْهَمِ.
فَصْلٌ:
وَكَذَلِكَ لَفْظُ الْإِطْعَامِ لِعَشَرَةِ مَسَاكِينَ لَمْ يُقَدِّرْهُ الشَّرْعُ بَلْ كَمَا قَالَ اللَّهُ: {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} وَكُلُّ بَلَدٍ يُطْعِمُونَ مِنْ أَوْسَطِ مَا يَأْكُلُونَ كِفَايَةَ غَيْرِهِ كَمَا قَدْ بَسَطْنَاهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute