أَكْثَرِهِمْ؛ حَيْثُ لَمْ يَعْتَمِدُوا عَلَى دَلِيلٍ شَرْعِيٍّ بَلْ جَعَلُوا مِقْدَارَ مَا أَرَادَهُ الرَّسُولُ هُوَ مِقْدَارُ الدَّرَاهِمِ الَّتِي ضَرَبَهَا عَبْدُ الْمَلِكِ؛ لِكَوْنِهِ جَمَعَ الدَّرَاهِمَ الْكِبَارَ وَالصِّغَارَ وَالْمُتَوَسِّطَةَ وَجَعَلَ مُعَدَّلَهَا سِتَّةَ دَوَانِيقَ فَيُقَالُ لَهُمْ: هَبْ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ؛ لَكِنَّ الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا خَاطَبَ أَصْحَابَهُ وَأُمَّتَهُ بِلَفْظِ الدِّرْهَمِ وَالدِّينَارِ وَعِنْدَهُمْ أَوْزَانٌ مُخْتَلِفَةُ الْمَقَادِيرِ كَمَا ذَكَرْتُمْ لَمْ يَحُدَّ لَهُمْ الدِّرْهَمَ بِالْقَدْرِ الْوَسَطِ كَمَا فَعَلَ عَبْدُ الْمَلِكِ بَلْ أَطْلَقَ لَفْظَ الدِّرْهَمِ وَالدِّينَارِ كَمَا أَطْلَقَ لَفْظَ الْقَمِيصِ وَالسَّرَاوِيلِ؛ وَالْإِزَارِ وَالرِّدَاءِ وَالدَّارِ وَالْقَرْيَةِ وَالْمَدِينَةِ وَالْبَيْتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ مَصْنُوعَاتِ الْآدَمِيِّينَ فَلَوْ كَانَ لِلْمُسَمَّى عِنْدَهُ حَدٌّ لِحَدِّهِ مَعَ عِلْمِهِ بِاخْتِلَافِ الْمَقَادِيرِ فَاصْطِلَاحُ النَّاسِ عَلَى مِقْدَارِ دِرْهَمٍ وَدِينَارٍ أَمْرٌ عَادِيٌّ. وَلَفْظُ الذِّرَاعِ أَقْرَبُ إلَى الْأُمُورِ الْخِلْقِيَّةِ مِنْهُ؛ فَإِنَّ الذِّرَاعَ هُوَ فِي الْأَصْلِ ذِرَاعُ الْإِنْسَانِ وَالْإِنْسَانُ مَخْلُوقٌ فَلَا يُفَضَّلُ ذِرَاعٌ عَلَى ذِرَاعٍ إلَّا بِقَدَرِ مَخْلُوقٍ لَا اخْتِيَارَ فِيهِ لِلنَّاسِ بِخِلَافِ مَا يَفْعَلُهُ النَّاسُ بِاخْتِيَارِهِمْ مِنْ دِرْهَمٍ وَمَدِينَةٍ وَدَارٍ؛ فَإِنَّ هَذَا لَا حَدَّ لَهُ؛ بَلْ الثِّيَابُ تَتْبَعُ مَقَادِيرَهُمْ وَالدُّورَ وَالْمُدُنَ بِحَسَبِ حَاجَتِهِمْ وَأَمَّا الدِّرْهَمُ وَالدِّينَارُ فَمَا يُعْرَفُ لَهُ حَدٌّ طَبْعِيٌّ وَلَا شَرْعِيٌّ بَلْ مَرْجِعُهُ إلَى الْعَادَةِ وَالِاصْطِلَاحِ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ فِي الْأَصْلِ لَا يَتَعَلَّقُ الْمَقْصُودُ بِهِ؛ بَلْ الْغَرَضُ أَنْ يَكُونَ مِعْيَارًا لِمَا يَتَعَامَلُونَ بِهِ وَالدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ لَا تُقْصَدُ لِنَفْسِهَا بَلْ هِيَ وَسِيلَةٌ إلَى التَّعَامُلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute