يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ} {وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ} .
وَلَمَّا فَسَّرَ هَؤُلَاءِ " الْأُفُولَ " بِالْحَرَكَةِ وَفَتَحُوا بَابَ تَحْرِيفِ الْكَلِمِ عَنْ مَوَاضِعِهِ دَخَلَتْ الْمَلَاحِدَةُ مِنْ هَذَا الْبَابِ فَفَسَّرَ ابْنُ سِينَا وَأَمْثَالُهُ مِنْ الْمَلَاحِدَةِ الْأُفُولَ بِالْإِمْكَانِ الَّذِي ادَّعَوْهُ حَيْثُ قَالُوا: إنَّ الْأَفْلَاكَ قَدِيمَةٌ أَزَلِيَّةٌ وَهِيَ مَعَ ذَلِكَ مُمْكِنَةٌ وَكَذَلِكَ مَا فِيهَا مِنْ الْكَوَاكِبِ وَالنَّيِّرِينَ. قَالُوا: فَقَوْلُ إبْرَاهِيمَ {لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ} أَيْ لَا أُحِبُّ الْمُمْكِنَ الْمَعْلُولَ وَإِنْ كَانَ قَدِيمًا أَزَلِيًّا. وَأَيْنَ فِي لَفْظِ الْأُفُولِ مَا يَدُلُّ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى؟ وَلَكِنَّ هَذَا شَأْنُ الْمُحَرِّفِينَ لِلْكَلِمِ عَنْ مَوَاضِعِهِ. وَجَاءَ بَعْدَهُمْ مِنْ جِنْسِ مَنْ زَادَ فِي التَّحْرِيفِ فَقَالَ: الْمُرَادُ " بِالْكَوَاكِبِ وَالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ " هُوَ النَّفْسُ وَالْعَقْلُ الْفَعَّالُ وَالْعَقْلُ الْأَوَّلُ وَقَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ أَبُو حَامِدٍ الْغَزَالِيُّ فِي بَعْضِ كُتُبِهِ وَحَكَاهُ عَنْ غَيْرِهِ فِي بَعْضِهَا. وَقَالَ هَؤُلَاءِ الْكَوَاكِبُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا يَخْفَى عَلَى عَاقِلٍ أَنَّهَا لَيْسَتْ رَبَّ الْعَالَمِينَ بِخِلَافِ النَّفْسِ وَالْعَقْلِ. وَدَلَالَةُ لَفْظِ الْكَوْكَبِ وَالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ عَلَى هَذِهِ الْمَعَانِي لَوْ كَانَتْ مَوْجُودَةً
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute