للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِنْ عَجَائِبِ تَحْرِيفَاتِ الْمَلَاحِدَةِ الْبَاطِنِيَّةِ كَمَا يَتَأَوَّلُونَ الْعِلْمِيَّاتِ مَعَ الْعَمَلِيَّاتِ وَيَقُولُونَ: الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ مَعْرِفَةُ أَسْرَارِنَا وَصِيَامُ رَمَضَانَ كِتْمَانُ أَسْرَارِنَا وَالْحَجُّ هُوَ الزِّيَارَةُ لِشُيُوخِنَا الْمُقَدِّسِينَ. وَفَتَحَ لَهُمْ هَذَا الْبَابَ " الْجَهْمِيَّة وَالرَّافِضَةُ " حَيْثُ صَارَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ: الْإِمَامُ الْمُبِينُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَالشَّجَرَةُ الْمَلْعُونَةُ فِي الْقُرْآنِ بَنُو أُمَيَّةَ وَالْبَقَرَةُ الْمَأْمُورُ بِذَبْحِهَا عَائِشَةُ وَاللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ. وَقَدْ شَارَكَهُمْ فِي نَحْوِ هَذِهِ التَّحْرِيفَاتِ طَائِفَةٌ مِنْ الصُّوفِيَّةِ وَبَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ كَاَلَّذِينَ يَقُولُونَ: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ} {وَطُورِ سِينِينَ} {وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ} أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ} أَبُو بَكْرٍ {فَآزَرَهُ} عُمَرُ {فَاسْتَغْلَظَ} هُوَ عُثْمَانُ {فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ} هُوَ عَلِيٌّ. وَقَوْلُ بَعْضِ الصُّوفِيَّةِ: {اذْهَبْ إلَى فِرْعَوْنَ إنَّهُ طَغَى} هُوَ الْقَلْبُ {إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} هِيَ النَّفْسُ. وَأَمْثَالُ هَذِهِ التَّحْرِيفَاتِ. لَكِنَّ مِنْهَا مَا يَكُونُ مَعْنَاهُ صَحِيحًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ الْمُرَادُ بِاللَّفْظِ وَهُوَ الْأَكْثَرُ فِي إشَارَاتِ الصُّوفِيَّةِ. وَبَعْضُ ذَلِكَ لَا يَجْعَلُ تَفْسِيرًا؛ بَلْ يَجْعَلُ مِنْ بَابِ الِاعْتِبَارِ وَالْقِيَاسِ وَهَذِهِ طَرِيقَةٌ صَحِيحَةٌ عِلْمِيَّةٌ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {لَا يَمَسُّهُ إلَّا الْمُطَهَّرُونَ} وَقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ} . فَإِذَا كَانَ وَرَقُهُ {لَا يَمَسُّهُ إلَّا الْمُطَهَّرُونَ} فَمَعَانِيهِ لَا يَهْتَدِي بِهَا إلَّا الْقُلُوبُ