وَكَذَلِكَ " تَخْيِيرُ الْحَاجِّ " بَيْنَ التَّمَتُّعِ وَالْإِفْرَادِ وَالْقِرَانِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ الَّذِينَ يُخَيَّرُونَ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ وَتَخْيِيرُ الْمُسَافِرِينَ بَيْنَ الْفِطْرِ وَالصَّوْمِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ. وَأَمَّا مَنْ يَقُولُ: لَا يَجُوزُ أَنْ يَحُجَّ إلَّا مُتَمَتِّعًا أَوْ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ الْفِطْرُ فِي السَّفَرِ - كَمَا تَقُولُهُ طَائِفَةٌ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالشِّيعَةِ - فَلَا يَجِئْ هَذَا عَلَى أَصْلِهِمْ. وَكَذَلِكَ " الْقَصْرُ " عِنْدَ الْجُمْهُورِ الَّذِينَ يَقُولُونَ: لَيْسَ لِلْمُسَافِرِ أَنْ يُصَلِّيَ إلَّا رَكْعَتَيْنِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ أَرْبَعًا؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُصَلِّ فِي السَّفَرِ قَطُّ إلَّا رَكْعَتَيْنِ وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فِي حَيَاتِهِ. وَحَدِيثُ عَائِشَةَ الَّذِي فِيهِ أَنَّهَا صَلَّتْ فِي حَيَاتِهِ السَّفَرَ أَرْبَعًا كُذِّبَ عِنْدَ حُذَّاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ. كَمَا قَدْ بُسِطَ فِي مَوْضِعِهِ. إذْ الْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّ " التَّخْيِيرَ فِي الشَّرْعِ نَوْعَانِ " فَمَنْ خُيِّرَ فِيمَا يَفْعَلُهُ لِغَيْرِهِ بِوِلَايَتِهِ عَلَيْهِ وَبِوَكَالَةِ مُطْلَقَةٍ: لَمْ يُبَحْ لَهُ فِيهَا فِعْلُ مَا شَاءَ؛ بَلْ عَلَيْهِ أَنْ يَخْتَارَ الْأَصْلَحَ وَأَمَّا مَنْ تَصَرَّفَ لِنَفْسِهِ: فَتَارَةً يَأْمُرُهُ الشَّارِعُ بِاخْتِيَارِ مَا هُوَ الْأَصْلَحُ بِحَسَبِ اجْتِهَادِهِ كَمَا يَأْمُرُ الْمُجْتَهِدَ بِطَلَبِ أَقْوَى الْأَقَاوِيلِ وَأَصْلَحِ الْأَحْكَامِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ. وَتَارَةً يُبِيحُ لَهُ مَا شَاءَ مِنْ الْأَنْوَاعِ الَّتِي خُيِّرَ بَيْنَهَا كَمَا تَقَدَّمَ. هَذَا إذَا كَانَ مُكَلَّفًا. وَأَمَّا " الصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ " يُخَيَّرُ تَخْيِيرَ شَهْوَةٍ حَيْثُمَا كَانَ كُلٌّ مِنْ الْأَبَوَيْنِ نَطِيرَ الْآخَرِ؛ وَلَمْ يُضْبَطْ فِي حَقِّهِ حَكَمٌ عَامٌّ لِلْأَبِ أَوْ لِلْأُمِّ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute