للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عِنْدَهُمْ رَفْعُ الْمَانِعِ الَّذِي فِي الْإِنْسَانِ مِنْ الرُّؤْيَةِ وَهُوَ أَمْرٌ عَدَمِيٌّ فَحَقِيقَتُهُ جَعْلُ الْعَبْدِ عَالِمًا وَهَذَا كُلُّهُ مِمَّا تَقُولُ بِهِ الْفَلَاسِفَةُ وَالْبَاطِنِيَّةُ. وَهَؤُلَاءِ إنَّمَا يَأْمُرُونَ بِالزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا لِيَنْقَطِعَ تَعَلُّقُ النَّفْسِ بِهَا وَقْتَ فِرَاقِ النَّفْسِ فَلَا تَبْقَى النَّفْسُ مُفَارِقَةً لِشَيْءِ يُحِبُّهُ؛ لَكِنْ أَبُو حَامِدٍ لَا يُبِيحُ مَحْظُورَاتِ الشَّرْعِ قَطُّ؛ بَلْ يَقُولُ قَتْلُ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ خَيْرٌ مِنْ قَتْلِ عَدَدٍ كَثِيرٍ مِنْ الْكُفَّارِ. وَأَمَّا هَؤُلَاءِ فَالْوَاصِلُ عِنْدَهُمْ إلَى الْعِلْمِ الْمَطْلُوبِ قَدْ يُبِيحُونَ لَهُ مَحْظُورَاتِ الشَّرَائِعِ حَتَّى الْفَوَاحِشِ وَالْخَمْرِ وَغَيْرِهَا إذَا كَانُوا مِمَّنْ يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَ الْخَمْرِ وَإِلَّا فَغَالِبُ هَؤُلَاءِ لَا يُوجِبُونَ شَرِيعَةَ الْإِسْلَامِ؛ بَلْ يُجَوِّزُونَ التَّهَوُّدَ وَالتَّنَصُّرَ وَكُلُّ مَنْ كَانَ مِنْ هَؤُلَاءِ وَاصِلًا إلَى عِلْمِهِمْ فَهُوَ سَعِيدٌ. وَهَكَذَا تَقُولُ الِاتِّحَادِيَّةُ مِنْهُمْ: كَابْنِ سَبْعِينَ؛ وَابْنِ هُودٍ والتلمساني وَنَحْوِهِمْ وَيَدْخُلُونَ مَعَ النَّصَارَى بِيَعَهُمْ وَيُصَلُّونَ مَعَهُمْ إلَى الشَّرْقِ وَيَشْرَبُونَ مَعَهُمْ وَمَعَ الْيَهُودِ الْخَمْرَ وَيَمِيلُونَ إلَى دِينِ النَّصَارَى أَكْثَرَ مِنْ دِينِ الْمُسْلِمِينَ لِمَا فِيهِ مِنْ إبَاحَةِ الْمَحْظُورَاتِ؛ وَلِأَنَّهُمْ أَقْرَبُ إلَى الِاتِّحَادِ وَالْحُلُولِ وَلِأَنَّهُمْ أَجْهَلُ فَيَقْبَلُونَ مَا يَقُولُونَهُ أَعْظَمُ مِنْ قَبُولِهِمْ لِقَوْلِ الْمُسْلِمِينَ وَعُلَمَاءِ النَّصَارَى جُهَّالٌ إذَا كَانَ فِيهِمْ مُتَفَلْسِفٌ