للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كَمَا يُؤْمَرُ بِجِهَادِ مَنْ يَأْمُرُ بِالْمَعَاصِي وَيَدْعُو إلَيْهَا وَهُوَ إلَى جِهَادِ نَفْسِهِ أَحْوَجُ فَإِنَّ هَذَا فَرْضُ عَيْنٍ وَذَاكَ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَالصَّبْرُ فِي هَذَا مِنْ أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ فَإِنَّ هَذَا الْجِهَادَ حَقِيقَةُ ذَلِكَ الْجِهَادِ فَمَنْ صَبَرَ عَلَيْهِ صَبَرَ عَلَى ذَلِكَ الْجِهَادِ. كَمَا قَالَ: {وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ السَّيِّئَاتِ}. ثُمَّ هَذَا لَا يَكُونُ مَحْمُودًا فِيهِ إلَّا إذَا غَلَبَ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ مَنْ يُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} وَلِهَذَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ} إلَخْ " وَذَلِكَ لِأَنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْإِنْسَانَ أَنْ يَنْهَى النَّفْسَ عَنْ الْهَوَى وَأَنْ يَخَافَ مَقَامَ رَبِّهِ فَحَصَلَ لَهُ مِنْ الْإِيمَانِ مَا يُعِينُهُ عَلَى الْجِهَادِ فَإِذَا غَلَبَ كَانَ لِضَعْفِ إيمَانِهِ فَيَكُونُ مُفَرِّطًا بِتَرْكِ الْمَأْمُورِ؛ بِخِلَافِ الْعَدُوِّ الْكَافِرِ فَإِنَّهُ قَدْ يَكُونُ بَدَنُهُ أَقْوَى فَالذُّنُوبُ إنَّمَا تَقَعُ إذَا كَانَتْ النَّفْسُ غَيْرَ مُمْتَثِلَةٍ لِمَا أُمِرَتْ بِهِ وَمَعَ امْتِثَالِ الْمَأْمُورِ لَا تَفْعَلُ الْمَحْظُورَ فَإِنَّهُمَا ضِدَّانِ. قَالَ تَعَالَى: {كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ} الْآيَةَ. وَقَالَ: صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {إنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} فَعِبَادُ اللَّهِ الْمُخْلِصُونَ لَا يُغْوِيهِمْ الشَّيْطَانُ وَ " الْغَيُّ " خِلَافُ الرُّشْدِ وَهُوَ اتِّبَاعُ الْهَوَى. فَمَنْ مَالَتْ نَفْسُهُ إلَى مُحَرَّمٍ فَلْيَأْتِ بِعِبَادَةِ اللَّهِ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ فَإِنَّ ذَلِكَ يَصْرِفُ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ. . . (١) خَشْيَةً وَمَحَبَّةً وَالْعِبَادَةُ لَهُ


(١) بياض بالأصل