للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِنْ النَّارِ وَيُشْفَعُ فِيهِمْ وَأَنَّ الْكَبِيرَةَ الْوَاحِدَةَ لَا تُحْبِطُ جَمِيعَ الْحَسَنَاتِ؛ وَلَكِنْ قَدْ يُحْبَطُ مَا يُقَابِلُهَا عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَلَا يُحْبِطُ جَمِيعَ الْحَسَنَاتِ إلَّا الْكُفْرُ كَمَا لَا يُحْبِطُ جَمِيعَ السَّيِّئَاتِ إلَّا التَّوْبَةُ فَصَاحِبُ الْكَبِيرَةِ إذَا أَتَى بِحَسَنَاتِ يَبْتَغِي بِهَا رِضَا اللَّهِ أَثَابَهُ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مُسْتَحِقًّا لِلْعُقُوبَةِ عَلَى كَبِيرَتِهِ. وَكِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يُفَرِّقُ بَيْنَ حُكْمِ السَّارِقِ وَالزَّانِي وَقِتَالِ الْمُؤْمِنِينَ بَعْضِهِمْ بَعْضًا وَبَيْنَ حُكْمِ الْكُفَّارِ فِي " الْأَسْمَاءِ وَالْأَحْكَامِ ". وَالسُّنَّةُ الْمُتَوَاتِرَةُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ كَمَا هُوَ مَبْسُوطٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ. وَعَلَى هَذَا تَنَازَعَ النَّاسُ فِي قَوْلِهِ: {إنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} فَعَلَى قَوْلِ الْخَوَارِجِ وَالْمُعْتَزِلَةِ لَا تُقْبَلُ حَسَنَةٌ إلَّا مِمَّنْ اتَّقَاهُ مُطْلَقًا فَلَمْ يَأْتِ كَبِيرَةً، وَعِنْدَ الْمُرْجِئَةِ إنَّمَا يَتَقَبَّلُ مِمَّنْ اتَّقَى الشِّرْكَ فَجَعَلُوا أَهْلَ الْكَبَائِرِ دَاخِلِينَ فِي اسْمِ " الْمُتَّقِينَ "، وَعِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ يُتَقَبَّلُ الْعَمَلُ مِمَّنْ اتَّقَى اللَّهَ فِيهِ فَعَمِلَهُ خَالِصًا لِلَّهِ مُوَافِقًا لِأَمْرِ اللَّهِ فَمَنْ اتَّقَاهُ فِي عَمَلٍ تَقَبَّلَهُ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ عَاصِيًا فِي غَيْرِهِ. وَمَنْ لَمْ يَتَّقِهِ فِيهِ لَمْ يَتَقَبَّلْهُ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ مُطِيعًا فِي غَيْرِهِ. وَالتَّوْبَةُ مِنْ بَعْضِ الذُّنُوبِ دُونَ بَعْضٍ كَفِعْلِ بَعْضِ الْحَسَنَاتِ الْمَأْمُورِ