للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْمُسْتَعَاذُ مِنْ شَرِّهِمْ ذَكَرَهُمَا أَبُو الْفَرَجِ وَلَيْسَ لَهُمَا وَجْهٌ فَإِنَّ وَسْوَاسَ الْجِنِّ أَعْظَمُ وَلَمْ يَذْكُرْهُ بَلْ ذَكَرَ النَّاسّ لِأَنَّهُمْ الْمُسْتَعِيذُونَ فَيَسْتَعِيذُونَ بِرَبِّهِمْ الَّذِي يَصُونُهُمْ وَبِمَلِكِهِمْ الَّذِي أَمَرَهُمْ وَنَهَاهُمْ وَبِإِلَهِهِمْ الَّذِي يَعْبُدُونَهُ مِنْ شَرِّ الَّذِي يَحُولُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَعِيذُونَ أَيْضًا مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الَّذِي يَحْصُلُ فِي نُفُوسِ النَّاسِ مِنْهُمْ وَمِنْ الْجِنَّةِ فَإِنَّهُ أَصْلُ الشَّرِّ الَّذِي يَصْدُرُ مِنْهُمْ وَاَلَّذِي يَرُدُّ عَلَيْهِمْ.

فَصْلٌ:

وَبِهَذَا يَتَبَيَّنُ بَعْضُ هَذِهِ الِاسْتِعَاذَةِ وَاَلَّتِي قَبِلَهَا كَمَا جَاءَتْ بِذَلِكَ الْأَحَادِيثُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَمْ يَسْتَعِذْ الْمُسْتَعِيذُونَ بِمِثْلِهِمَا فَإِنَّ الْوَسْوَاسَ أَصْلُ كُلِّ كُفْرٍ وَفُسُوقٍ وَعِصْيَانٍ فَهُوَ أَصْلُ الشَّرِّ كُلِّهِ فَمَتَى وُقِيَ الْإِنْسَانُ شَرَّهُ وَقَى عَذَابَ جَهَنَّمَ وَعَذَابَ الْقَبْرِ وَفِتْنَةَ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ وَفِتْنَةَ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ فَإِنَّ جَمِيعَ هَذِهِ إنَّمَا تَحْصُلُ بِطَرِيقِ الْوَسْوَاسِ وَوُقِيَ عَذَابَ اللَّهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يُعَذَّبُ عَلَى الذُّنُوبِ وَأَصْلُهَا مِنْ الْوَسْوَاسِ ثُمَّ إنْ دَخَلَ فِي الْآيَةِ وَسْوَاسٌ غَيْرُهُ بِحَيْثُ يَكُونُ قَوْلُهُ {مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ} اسْتِعَاذَةً مِنْ الْوَسْوَاسِ الَّذِي يَعْرِضُ لَهُ وَاَلَّذِي يَعْرِضُ لِلنَّاسِ بِسَبَبِهِ فَقَدْ وَقَى ظُلْمَهُمْ وَإِنْ كَانَ