" الثَّالِثُ " أَنَّ الْإِشْهَادَ فِي هَذَا مُتَعَذِّرٌ أَوْ مُتَعَسِّرٌ فَلَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ كَالْإِشْهَادِ عَلَى الْوَطْءِ؛ فَإِنَّهُمَا لَوْ تَنَازَعَا فِي الْوَطْءِ وَهِيَ ثَيِّبٌ لَمْ يُقْبَلْ مُجَرَّدُ قَوْلِهَا فِي عَدَمِ الْوَطْءِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ؛ مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ؛ بَلْ إمَّا أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَ الرَّجُلِ أَوْ يُؤْمَرُ بِإِخْرَاجِ الْمَنِيِّ أَوْ يُجَامِعُهَا فِي مَكَانٍ وَقَرِيبٍ مِنْهُمَا مَنْ يَعْلَمُ ذَلِكَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْوَطْءِ. عَلَى مَا لِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ مِنْ النِّزَاعِ. فَهُنَا دَعْوَاهَا وَافَقَتْ الْأَصْلَ وَلَمْ تُقْبَلْ لِتَعَذُّرِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى ذَلِكَ. وَالْإِنْفَاقُ فِي الْبُيُوتِ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ وَلَا يُكَلَّفُ النَّاسُ الْإِشْهَادَ عَلَى إعْطَاءِ النَّفَقَةِ؛ فَإِنَّ هَذَا بِدْعَةٌ فِي الدِّينِ وَحَرَجٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَاتِّبَاعٌ لِغَيْرِ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ.
" الرَّابِعُ " أَنَّ الْعُلَمَاءَ مُتَنَازِعُونَ: هَلْ يَجِبُ تَمْلِيكُ النَّفَقَةِ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ. وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ وَلَا يَجِبُ أَنْ يَفْرِضَ لَهَا شَيْئًا؛ بَلْ يُطْعِمُهَا وَيَكْسُوهَا بِالْمَعْرُوفِ. وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُ قَالَ فِي النِّسَاءِ {: لَهُنَّ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} " كَمَا فِي الْمَمْلُوكِ {وَكِسْوَتِهِ بِالْمَعْرُوفِ} وَقَالَ: " {حَقُّهَا أَنْ تُطْعِمَهَا إذْ طَعِمْت وَتَكْسُوَهَا إذَا اكْتَسَيْت} كَمَا قَالَ فِي الْمَمَالِيكِ: " {إخْوَانُكُمْ خَوَلُكُمْ جَعَلَهُمْ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلُ وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ.} هَذِهِ عَادَةُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخُلَفَائِهِ لَا يُعْلَمُ قَطُّ أَنَّ رَجُلًا فَرَضَ لِزَوْجَتِهِ نَفَقَةً؛ بَلْ يُطْعِمُهَا وَيَكْسُوهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute