وَجَبَتْ عَلَى طَرِيقَةِ الصِّلَةِ فَتَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ وَالْجُمْهُورُ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَد فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ يَقُولُونَ: وَجَبَتْ بِطَرِيقِ الْمُعَاوَضَةِ فَلَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ. وَلَكِنْ إذَا تَنَازَعَا فِي قَبْضِهَا فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد: الْقَوْلُ قَوْلُ الْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْمَقْبُوضِ كَمَا لَوْ تَنَازُعًا فِي قَبْضِ الصَّدَاقِ. وَالصَّوَابُ أَنَّهُ يُرْجَعُ فِي ذَلِكَ إلَى الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ؛ فَإِذَا كَانَتْ الْعَادَةُ أَنَّ الرَّجُلَ يُنْفِقُ عَلَى الْمَرْأَةِ فِي بَيْتِهِ وَيَكْسُوهَا وَادَّعَتْ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الصَّوَابُ الَّذِي لَا يَسُوغُ غَيْرُهُ لِأَوْجُهِ: " أَحَدُهَا " أَنَّ الصَّحَابَةَ وَالتَّابِعِينَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ لَمْ يُعْلَمْ مِنْهُمْ امْرَأَةٌ قُبِلَ قَوْلُهَا فِي ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ قَوْلُ الْمَرْأَةِ مَقْبُولًا فِي ذَلِكَ لَكَانَتْ الْهِمَمُ مُتَوَفِّرَةً عَلَى دَعْوَى النِّسَاءِ وَذَلِكَ كَمَا هُوَ الْوَاقِعُ. فَعُلِمَ أَنَّهُ كَانَ مُسْتَقِرًّا بَيْنَهُمْ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا. " الثَّانِي " أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهَا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُ الرَّجُلِ إلَّا بِبَيِّنَةِ فَكَانَ يَحْتَاجُ إلَى الْإِشْهَادِ عَلَيْهَا كُلَّمَا أَطْعَمَهَا وَكَسَاهَا وَكَانَ تَرْكُهُ ذَلِكَ تَفْرِيطًا مِنْهُ إذَا تَرَكَ الْإِشْهَادَ عَلَى الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا لَمْ يَفْعَلْهُ مُسْلِمٌ عَلَى عَهْدِ السَّلَفِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute