للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَيَسْتَغْفِرَ مِنْ ذُنُوبِهِ {أَوْ أَرَادَ شُكُورًا} لِرَبِّهِ عَلَى نِعَمِهِ. وَكُلُّ مَا يَفْعَلُهُ اللَّهُ بِالْعَبْدِ مِنْ نِعْمَةٍ وَكُلُّ مَا يُخْلِفُهُ اللَّه فَهُوَ نِعْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ. فَكُلَّمَا نَظَرَ إلَى مَا فَعَلَهُ رَبُّهُ شَكَرَ وَإِذَا نَظَرَ إلَى نَفْسِهِ اسْتَغْفَرَ. وَالتَّذَكُّرُ قَدْ يَكُونُ تَذَكُّرَ ذُنُوبِهِ وَعِقَابِ رَبِّهِ. وَقَدْ يَدْخُلُ فِيهِ تَذَكُّرُ آلَائِهِ وَنِعَمِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَدْعُو إلَى الشُّكْرِ. قَالَ تَعَالَى {اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ فَقَدْ أَمَرَ بِذِكْرِ نِعَمِهِ. فَالْمُتَذَكِّرُ يَتَذَكَّرُ نِعَمَ رَبِّهِ وَيَتَذَكَّرُ ذُنُوبَهُ. وَأَيْضًا فَهُوَ ذَكَرَ الشَّكُورِ لِأَنَّهُ مَقْصُودٌ لِنَفْسِهِ فَإِنَّ الشُّكْرَ ثَابِتٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. وَذَكَرَ التَّذَكُّرَ لِأَنَّهُ أَصْلٌ لِلِاسْتِغْفَارِ وَالشُّكْرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. فَذَكَرَ الْمَبْدَأَ وَذَكَرَ النِّهَايَةَ. وَهَذَا الْمَعْنَى يَجْمَعُ مَا قِيلَ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.

فَصْلٌ:

وَالتَّذَكُّرُ اسْمٌ جَامِعٌ لِكُلِّ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِتَذَكُّرِهِ كَمَا قَالَ: {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ} أَيْ قَامَتْ الْحُجَّةُ عَلَيْكُمْ بِالنَّذِيرِ الَّذِي جَاءَكُمْ وَبِتَعْمِيرِكُمْ عُمْرًا يَتَّسِعُ لِلتَّذَكُّرِ.