للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تِلْكَ الرَّكْعَةُ وَهُوَ مَأْمُورٌ بِأَنْ يَصِلَ إلَيْهَا أُخْرَى. وَهَذَا الثَّانِي مَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ الْعُلَمَاءِ. وَأَمَّا الْأَوَّلُ: فَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ يُرْوَى عَنْ عَلِيٍّ وَغَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَعَلَى هَذَا مَجْمُوعُ الصَّحَابَةِ فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ قَرَأَ فِي الْفَجْرِ بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ فَلَمَّا سَلَّمَ قِيلَ لَهُ: كَادَتْ الشَّمْسُ تَطْلُعُ فَقَالَ: لَوْ طَلَعَتْ لَمْ تَجِدْنَا غَافِلِينَ. فَهَذَا خِطَابُ الصِّدِّيقِ لِلصَّحَابَةِ يُبَيِّنُ أَنَّهَا لَوْ طَلَعَتْ لَمْ يَضُرَّهُمْ ذَلِكَ وَلَمْ تَجِدْهُمْ غَافِلِينَ بَلْ وَجَدْتهمْ ذَاكِرِينَ اللَّهَ مُمْتَثِلِينَ لِقَوْلِهِ: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ} وَهَذَا الْقَوْلُ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد وَإِسْحَاقَ وَأَبِي ثَوْرٍ وَابْنِ الْمُنْذِرِ. وَهَؤُلَاءِ يَقُولُونَ: يَقْضِي مَا نَامَ عَنْهُ أَوْ نَسِيَهُ فِي أَوْقَاتِ النَّهْيِ وَلَكِنْ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَنْ وَافَقَهُ يَقُولُونَ: تَفْسُدُ صَلَاتُهُ لِأَنَّهَا صَارَتْ فَائِتَةً وَالْفَوَاتُ عِنْدَهُمْ لَا يُقْضَى فِي أَوْقَاتِ النَّهْيِ بِخِلَافِ عَصْرِ يَوْمِهِ فَإِنَّهَا حَاضِرَةٌ مَفْعُولَةٌ فِي وَقْتِهَا. وَاحْتَجُّوا بِتَأْخِيرِ الصَّلَاةِ يَوْمَ نَامَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ عَنْهَا حَتَّى طَلَعَتْ