للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَدَخَلْتُمُوهُ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ: الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى قَالَ فَمَنْ} وَالْحَدِيثُ فِي الصَّحِيحَيْنِ. فَإِذَا كَانَ أَصْلُ الْعَمَلِ الدِّينِيِّ هُوَ إخْلَاصَ الدِّينِ لِلَّهِ وَهُوَ إرَادَةَ اللَّهِ وَحْدَهُ فَالشَّيْءُ الْمُرَادُ لِنَفْسِهِ هُوَ الْمَحْبُوبُ لِذَاتِهِ وَهَذَا كَمَالُ الْمَحَبَّةِ لَكِنَّ أَكْثَرَ مَا جَاءَ الْمَطْلُوبُ مُسَمًّى بِاسْمِ الْعِبَادَةِ كَقَوْلِهِ: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إلَّا لِيَعْبُدُونِ} وَقَوْلُهُ: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} وَأَمْثَالُ هَذَا وَالْعِبَادَةُ تَتَضَمَّنُ كَمَالَ الْحُبِّ وَنِهَايَتَهُ وَكَمَالَ الذُّلِّ وَنِهَايَتَهُ؛ فَالْمَحْبُوبُ الَّذِي لَا يُعَظَّمُ وَلَا يُذَلُّ لَهُ لَا يَكُونُ مَعْبُودًا وَالْمُعَظَّمُ الَّذِي لَا يُحَبُّ لَا يَكُونُ مَعْبُودًا؛ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ} فَبَيَّنَ سُبْحَانَهُ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ بِرَبِّهِمْ الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا وَإِنْ كَانُوا يُحِبُّونَهُمْ كَمَا يُحِبُّونَ اللَّهَ فَاَلَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ مِنْهُمْ لِلَّهِ وَلِأَوْثَانِهِمْ؛ لِأَنَّ الْمُؤْمِنِينَ أَعْلَمُ بِاَللَّهِ وَالْحُبُّ يَتْبَعُ الْعِلْمَ وَلِأَنَّ الْمُؤْمِنِينَ جَعَلُوا جَمِيعَ حُبِّهِمْ لِلَّهِ وَحْدَهُ وَأُولَئِكَ جَعَلُوا بَعْضَ حُبِّهِمْ لِغَيْرِهِ وَأَشْرَكُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَنْدَادِ فِي الْحُبِّ وَمَعْلُومٌ أَنَّ ذَلِكَ أَكْمَلُ. قَالَ تَعَالَى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} وَاسْمُ الْمَحَبَّةِ فِيهِ إطْلَاقٌ وَعُمُومٌ فَإِنَّ الْمُؤْمِنَ يُحِبُّ اللَّهَ وَيُحِبُّ رُسُلَهُ وَأَنْبِيَاءَهُ وَعِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ مَحَبَّةِ اللَّهِ وَإِنْ كَانَتْ الْمَحَبَّةُ الَّتِي لِلَّهِ