وَإِذَا قِيلَ؛ فَالْأَبُ. إذَا لَمْ يَنْفَعْهُمْ لَمْ يَضُرَّهُمْ؟ قِيلَ: بَلَى. قَدْ يَضُرُّهُمْ كَمَا يَنْفَعُهُمْ؛ بِدَلِيلِ مَا لَوْ كَانَ وَلَدُ الْأُمِّ وَاحِدًا وَوَلَدُ الْأَبَوَيْنِ كَثِيرِينَ؛ فَإِنَّ وَلَدَ الْأُمِّ وَحْدَهُ يَأْخُذُ السُّدُسَ وَالْبَاقِي يَكُونُ لَهُمْ كُلَّهُ وَلَوْلَا الْأَبُ لَتَشَارَكُوا هُمْ وَذَاكَ الْوَاحِدُ فِي الثُّلُثِ وَإِذَا جَازَ أَنْ يَكُونَ وُجُودُ الْأَبِ يَنْفَعُهُمْ جَازَ أَنْ يَحْرِمَهُمْ. فَعُلِمَ أَنَّهُ يَضُرُّهُمْ. وَأَيْضًا فَأُصُولُ الْفَرَائِضِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَنَّ الْقَرَابَةَ الْمُتَّصِلَةَ: ذَكَرٌ وَأُنْثَى لَا تُفَرِّقُ أَحْكَامُهَا. فَالْأَخُ مِنْ الْأَبَوَيْنِ لَا يَكُونُ كَأَخٍ مِنْ أَبٍ وَلَا كَأَخٍ مِنْ أُمٍّ وَلَا يُعْطَى بِقَرَابَةِ الْأُمِّ وَحْدَهَا كَمَا لَا يُعْطَى بِقَرَابَةِ الْأَبِ وَحْدَهُ؛ بَلْ الْقَرَابَةُ الْمُشْتَرِكَةُ مِنْ الْأَبَوَيْنِ؛ وَإِنَّمَا يُفْرَدُ إذَا كَانَ قَرَابَةً لِأُمِّ مُنْفَرِدًا مِثْلَ ابْنَيْ عَمَّ: أَحَدُهُمَا أَخٌ لِأُمِّ فَهُنَا ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى أَنَّ لِلْأَخِ لِأُمِّ السُّدُسُ وَيَشْتَرِكَانِ فِي الْبَاقِي وَهُوَ مَأْثُورٌ عَنْ عَلِيٍّ وَرُوِيَ عَنْ شريح: أَنَّهُ جَعَلَ الْجَمِيعَ لِلْأَخِ مِنْ الْأُمِّ كَمَا لَوْ كَانَ ابْنَ عَمٍّ لِأَبَوَيْنِ وَالْجُمْهُورُ يَقُولُونَ: كِلَاهُمَا فِي بُنُوَّةِ الْعَمِّ سَوَاءٌ هُمَا ابْنَ عَمٍّ مِنْ أَبَوَيْنِ أَوْ مِنْ أَبٍ وَالْإِخْوَةُ مِنْ الْأُمِّ مُسْتَقِلَّةٌ لَيْسَتْ مُقْتَرِنَةً حَتَّى يُجْعَلَ كَابْنِ عَمٍّ لِأَبَوَيْنِ. وَمِمَّا يُبَيِّنُ الْحُكْمَ فِي " مَسْأَلَةِ الْمُشْرِكَةِ " أَنْ لَوْ كَانَ فِيهِنَّ أَخَوَاتٌ مِنْ أَبٍ لَفُرِضَ لَهُنَّ الثُّلُثَانِ وَعَالَتْ الْفَرِيضَةُ؛ فَلَوْ كَانَ مَعَهُنَّ أَخُوهُنَّ سَقَطْنَ وَيُسَمَّى " الْأَخُ الْمَشْئُومُ " فَلَمَّا صِرْنَ بِوُجُودِهِ يَصِرْنَ عَصَبَةً: صَارَ تَارَةً يَنْفَعُهُنَّ. وَتَارَةً يَضُرُّهُنَّ؛ وَلَمْ يُجْعَلْ وُجُودُهُ كَعَدَمِهِ فِي حَالَةِ الضُّرِّ. كَذَلِكَ قَرَابَةُ الْأَبِ لَمَّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute