للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَنْهُ فَتَكُونُ مَسْأَلَةَ نِزَاعٍ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فَيُرَدُّ مَا تَنَازَعُوا فِيهِ إلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَيُبْدِي كُلُّ وَاحِدٍ حُجَّتَهُ كَمَا فِي سَائِرِ مَسَائِلِ النِّزَاعِ وَلَيْسَ هَذَا مِنْ مَسَائِلِ الْعُقُوبَاتِ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ بَلْ الْمُعَاقِبُ عَلَى ذَلِكَ مُعْتَدٍ جَاهِلٌ ظَالِمٌ فَإِنَّ الْقَائِلَ بِهَذَا قَدْ قَالَ مَا قَالَتْ الْعُلَمَاءُ وَالْمُنْكِرُ عَلَيْهِ لَيْسَ مَعَهُ نَقْلٌ يَجِبُ اتِّبَاعُهُ لَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا عَنْ الصَّحَابَةِ وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْقَسَمُ بِغَيْرِ اللَّهِ؛ لَا بِالْأَنْبِيَاءِ وَلَا بِغَيْرِهِمْ كَمَا سَبَقَ بَسْطُ الْكَلَامِ فِي تَقْرِيرِ ذَلِكَ. وَقَدْ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدِ أَنْ يَنْذِرَ لِغَيْرِ اللَّهِ لَا لِنَبِيِّ وَلَا لِغَيْرِ نَبِيٍّ وَأَنَّ هَذَا النَّذْرَ شِرْكٌ لَا يُوَفِّي بِهِ. وَكَذَلِكَ الْحَلِفُ بِالْمَخْلُوقَاتِ لَا تَنْعَقِدُ بِهِ الْيَمِينُ وَلَا كَفَّارَةَ فِيهِ حَتَّى لَوْ حَلَفَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ تَنْعَقِدْ يَمِينُهُ كَمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ كَمَالِكِ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ بَلْ نَهَى عَنْ الْحَلِفِ بِهَذِهِ الْيَمِينِ. فَإِذَا لَمْ يَجُزْ أَنْ يَحْلِفَ بِهَا الرَّجُلُ وَلَا يُقْسِمَ بِهَا عَلَى مَخْلُوقٍ فَكَيْفَ يُقْسِمُ بِهَا عَلَى الْخَالِقِ جَلَّ جَلَالُهُ؟ . وَأَمَّا السُّؤَالُ بِهِ مِنْ غَيْرِ إقْسَامٍ بِهِ فَهَذَا أَيْضًا مِمَّا مَنَعَ مِنْهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ وَالسُّنَنُ الصَّحِيحَةُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّ هَذَا إنَّمَا يَفْعَلُهُ عَلَى أَنَّهُ قُرْبَةٌ وَطَاعَةٌ وَأَنَّهُ مِمَّا يُسْتَجَابُ بِهِ الدُّعَاءُ. وَمَا كَانَ مِنْ هَذَا النَّوْعِ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ وَاجِبًا وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مُسْتَحَبًّا