للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

و " الْمَقْصُودُ " أَنَّ يُوسُفَ لَمْ يَفْعَلْ ذَنْبًا ذَكَرَهُ اللَّهُ عَنْهُ وَهُوَ سُبْحَانَهُ لَا يَذْكُرُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ ذَنْبًا إلَّا ذَكَرَ اسْتِغْفَارَهُ مِنْهُ وَلَمْ يَذْكُرْ عَنْ يُوسُفَ اسْتِغْفَارًا مِنْ هَذِهِ الْكَلِمَةِ. كَمَا لَمْ يَذْكُرْ عَنْهُ اسْتِغْفَارًا مِنْ مُقَدِّمَاتِ الْفَاحِشَةِ؛ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ ذَنْبًا فِي هَذَا وَلَا هَذَا؛ بَلْ هَمَّ هَمًّا تَرَكَهُ لِلَّهِ؛ فَأُثِيبَ عَلَيْهِ حَسَنَةً كَمَا قَدْ بُسِطَ هَذَا فِي مَوْضِعِهِ. وَأَمَّا مَا يُكَفِّرُهُ الِابْتِلَاءُ مِنْ السَّيِّئَاتِ فَذَلِكَ جُوزِيَ بِهِ صَاحِبُهُ بِالْمَصَائِبِ الْمُكَفِّرَةِ كَمَا فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {مَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ مِنْ وَصَبٍ وَلَا نَصَبٍ وَلَا هَمٍّ وَلَا حَزَنٍ وَلَا غَمٍّ وَلَا أَذًى إلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهِ خَطَايَاهُ} وَلَمَّا {أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ جَاءَتْ قَاصِمَةُ الظَّهْرِ وَأَيُّنَا لَمْ يَعْمَلْ سُوءًا؟ فَقَالَ: أَلَسْت تَحْزَنُ؟ أَلَسْت تَنْصَبُ؟ أَلَسْت تُصِيبُك اللأوى؟ فَذَلِكَ مِمَّا تُجْزَوْنَ بِهِ} . فَتَبَيَّنَ أَنَّ قَوْلَهُ: {فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ} أَيْ نُسِّيَ الْفَتَى ذِكْرَ رَبِّهِ أَنْ يَذْكُرَ هَذَا لِرَبِّهِ وَنُسِّيَ ذِكْرَ يُوسُفَ رَبَّهُ وَالْمَصْدَرُ يُضَافُ إلَى الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ وَيُوسُفُ قَدْ ذَكَرَ رَبَّهُ وَنُسِّيَ الْفَتَى ذِكْرَ يُوسُفَ رَبَّهُ وَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ أَنْ يَذْكُرَ رَبَّهُ؛ هَذَا الذِّكْرَ الْخَاصَّ؛ فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ يَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا فَقَدْ لَا يَخْطُرُ هَذَا الذِّكْرُ بِقَلْبِهِ وَأَنْسَاهُ