غَيْرِ هَؤُلَاءِ مِنْ الْمُصَنِّفِينَ فِي السُّنَّةِ وَلَوْ كَانَ مَالِكٌ مِنْ الْوَاقِفَةِ أَوْ الْنُّفَاةِ لَمْ يُنْقَلْ هَذَا الْإِثْبَاتُ. وَالْقَوْلُ الَّذِي قَالَهُ مَالِكٌ: قَالَهُ قَبْلَهُ رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ - شَيْخُهُ - كَمَا رَوَاهُ عَنْهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَة. وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ الماجشون كَلَامًا طَوِيلًا يُقَرِّرُ مَذْهَبَ الْإِثْبَاتِ وَيَرُدُّ عَلَى الْنُّفَاةِ قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ.
وَكَلَامُ الْمَالِكِيَّةِ فِي ذَمِّ الْجَهْمِيَّة الْنُّفَاةِ مَشْهُورٌ فِي كُتُبِهِمْ وَكَلَامُ أَئِمَّةِ الْمَالِكِيَّةِ وَقُدَمَائِهِمْ فِي الْإِثْبَاتِ كَثِيرٌ مَشْهُورٌ؛ حَتَّى عُلَمَاءَهُمْ حَكَوْا إجْمَاعَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ عَلَى أَنَّ اللَّهَ بِذَاتِهِ فَوْقَ عَرْشِهِ وَابْنُ أَبِي زَيْدٍ إنَّمَا ذَكَرَ مَا ذَكَرَهُ سَائِرُ أَئِمَّةِ السَّلَفِ وَلَمْ يَكُنْ مِنْ أَئِمَّةِ الْمَالِكِيَّةِ مَنْ خَالَفَ ابْنَ أَبِي زَيْدٍ فِي هَذَا. وَهُوَ إنَّمَا ذَكَرَ هَذَا فِي مُقَدِّمَةِ الرِّسَالَةِ لِتُلَقَّنَ لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّهُ عِنْدَ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ مِنْ الِاعْتِقَادَاتِ الَّتِي يُلَقَّنُهَا كُلُّ أَحَدٍ. وَلَمْ يَرُدَّ عَلَى " ابْنِ أَبِي زَيْدٍ " فِي هَذَا إلَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَتْبَاعِ الْجَهْمِيَّة الْنُّفَاةِ لَمْ يَعْتَمِدْ مَنْ خَالَفَهُ عَلَى أَنَّهُ بِدْعَةٌ وَلَا أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ؛ وَلَكِنْ زَعَمَ مَنْ خَالَفَ ابْنَ أَبِي زَيْدٍ وَأَمْثَالُهُ أَنَّ مَا قَالَهُ مُخَالِفٌ لِلْعَقْلِ. وَقَالُوا: إنَّ ابْنَ أَبِي زَيْدٍ لَمْ يَكُنْ يُحْسِنُ فَنَّ الْكَلَامِ الَّذِي يَعْرِفُ فِيهِ مَا يَجُوزُ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَمَا لَا يَجُوزُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute