بِمَيِّتِ وَالتَّوَسُّلِ بِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يَظُنُّهُ بَعْضُ النَّاسِ دِينًا وَقُرْبَةً. وَهَذَا فِيهِ دِلَالَةٌ لِلْمُؤْمِنِ عَلَى أَنَّ هَذِهِ مُحْدَثَاتٌ لَمْ تَكُنْ عِنْدَ الصَّحَابَةِ مِنْ الْمَعْرُوفِ بَلْ مِنْ الْمُنْكَرِ.
فَصْلٌ:
وَهَذَا كَافٍ لَوْ لَمْ يَرِدْ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ مِنْ النَّهْيِ مَا يَدُلُّ عَلَى النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ؛ كَيْفَ وَسُنَّتُهُ الْمُتَوَاتِرَةُ تَدُلُّ عَلَى النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ. مِثْلَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي لَمْ يَقُمْ مِنْهُ: {لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ} وَلَوْلَا ذَلِكَ أُبْرِزَ قَبْرُهُ؛ غَيْرَ أَنَّهُ خَشِيَ - أَوْ خُشِيَ - أَنْ يُتَّخَذَ مَسْجِدًا. وَهَذَا بَعْضُ أَلْفَاظِ الْبُخَارِيِّ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَيْضًا عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: {لَمَّا كَانَ مَرَضُ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ بَعْضُ نِسَائِهِ كَنِيسَةً رَأَيْنَهَا بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ. يُقَالُ لَهَا مَارِيَةُ وَذَكَرْنَ مِنْ حُسْنِهَا وَتَصَاوِيرَ فِيهَا فَرَفَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأْسَهُ وَقَالَ: إنَّ أُولَئِكَ إذَا مَاتَ فِيهِمْ الرَّجُلُ الصَّالِحُ بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا ثُمَّ صَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ الصُّوَرَ أُولَئِكَ شِرَارُ الْخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ} .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute