للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِنْ الْمُثْبِتَةِ؛ لَكِنْ قَالُوا: الْحِكْمَةُ أَمْرٌ مُنْفَصِلٌ عَنْهُ لَا يَقُومُ بِهِ كَمَا قَالُوا فِي كَلَامِهِ وَإِرَادَتِهِ؛ فَاسْتَطَالَ عَلَيْهِمْ الْمُجْبِرَةُ بِذَلِكَ فَقَالُوا: الْحَكِيمُ مَنْ يَفْعَلُ لِحِكْمَةِ تَعُودُ إلَى نَفْسِهِ فَإِنْ لَمْ تَعُدْ إلَى نَفْسِهِ لَمْ يَكُنْ حَكِيمًا؛ بَلْ كَانَ سَفِيهًا. فَيُقَالُ لِلْمُجْبِرَةِ: مَا نَفَيْتُمْ بِهِ الْحِكْمَةَ هُوَ بِعَيْنِهِ حُجَّةُ مَنْ نَفَى الْإِرَادَةَ مِنْ الْمُتَفَلْسِفَةِ وَنَحْوِهِمْ قَالُوا: الْإِرَادَةُ لَا تَكُونُ إلَّا لِمَنْ يَنْتَفِعُ وَيَتَضَرَّرُ وَيَتَأَلَّمُ وَيَلْتَذُّ وَإِثْبَاتُ إرَادَةٍ بِدُونِ هَذَا لَا يُعْقَلُ وَأَنْتُمْ تَقُولُونَ: نَحْنُ مُوَافِقُونَ لِلسَّلَفِ وَسَائِرِ أَهْلِ السُّنَّةِ عَلَى إثْبَاتِ الْإِرَادَةِ فَمَا كَانَ جَوَابًا لَكُمْ عَنْ هَذَا السُّؤَالِ فَهُوَ جَوَابُ سَائِرِ أَهْلِ السُّنَّةِ لَكُمْ حَيْثُ أَثْبَتُّمْ إرَادَةً بِلَا حِكْمَةٍ يُرَادُ الْفِعْلُ لَهَا. وَقَدْ بُسِطَ هَذَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ وَبَيْنَ مَا فِي لَفْظِ هَذِهِ الْحُجَّةِ مِنْ الْكَلِمَاتِ الْمُجْمَلَةِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

فَصْلٌ:

وَإِثْبَاتُ شَهَادَةِ أُولِي الْعِلْمِ يَتَضَمَّنُ أَنَّ الشَّهَادَةَ لَهُ بالوحدانية يَشْهَدُ بِهَا لَهُ غَيْرُهُ مِنْ الْمَخْلُوقِينَ الْمَلَائِكَةِ وَالْبَشَرِ. وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ يَشْهَدُونَ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَيَشْهَدُونَ بِمَا شَهِدَ بِهِ لِنَفْسِهِ.