للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْأَبَ لَا يُجْبِرُهَا إذَا كَانَتْ بَالِغًا وَهَذَا أَصَحُّ مَا دَلَّ عَلَيْهِ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَشَوَاهِدُ الْأُصُولِ. فَقَدْ تَبَيَّنَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ أَكْثَرَ الْعُلَمَاءِ يَقُولُونَ: إذَا اخْتَارَتْ هِيَ الْعَقْدَ جَازَ؛ وَإِلَّا احْتَاجَ إلَى اسْتِئْنَافٍ. وَقَدْ يُقَالُ: هُوَ الْأَقْوَى هُنَا؛ لَا سِيَّمَا وَالْأَبُ إنَّمَا عَقَدَ مُعْتَقِدًا أَنَّهَا بِكْرٌ وَأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى اسْتِئْذَانِهَا؛ فَإِذَا كَانَتْ فِي الْبَاطِنِ بِخِلَافِ ذَلِكَ كَانَ مَعْذُورًا. فَإِذَا اخْتَارَتْ هِيَ النِّكَاحَ لَمْ يَكُنْ هَذَا بِمَنْزِلَةِ تَصَرُّفِ الْفُضُولِيِّ. وَوَقْفُ الْعَقْدِ عَلَى الْإِجَازَةِ فِيهِ نِزَاعٌ مَشْهُورٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ وَالْأَظْهَرُ فِيهِ التَّفْصِيلُ بَيْن بَعْضِهَا وَبَعْضٍ كَمَا هُوَ مَبْسُوطٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ.

وَقَالَ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -:

لَيْسَ لِأَحَدِ الْأَبَوَيْنِ أَنْ يُلْزِمَ الْوَلَدَ بِنِكَاحِ مَنْ لَا يُرِيدُ وَأَنَّهُ إذَا امْتَنَعَ لَا يَكُونُ عَاقًّا وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِ أَنْ يُلْزِمَهُ بِأَكْلِ مَا يَنْفِرُ عَنْهُ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى أَكْلِ مَا تَشْتَهِيهِ نَفْسُهُ كَانَ النِّكَاحُ كَذَلِكَ وَأَوْلَى؛ فَإِنَّ أَكْلَ الْمَكْرُوهِ مَرَارَةً سَاعَةً وَعِشْرَةَ الْمَكْرُوهِ مِنْ الزَّوْجَيْنِ عَلَى طُولٍ يُؤْذِي صَاحِبَهُ كَذَلِكَ وَلَا يُمْكِنُ فِرَاقُهُ.

وَسُئِلَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -:

عَنْ رَجُلٍ تَحْتَ حِجْرِ وَالِدِهِ وَقَدْ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِ وَالِدِهِ وَشَهِدَ الْمَعْرُوفُونَ أَنَّ وَالِدَهُ مَاتَ وَهُوَ حَيٌّ: فَهَلْ يَصِحُّ الْعَقْدُ أَمْ لَا؟ وَهَلْ يَجِبُ عَلَى الْوَلَدِ إذَا تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِ وَالِدِهِ حَقٌّ أَمْ لَا؟