للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ} وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ} وَقَالَ نُوحٌ: {وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ} وَقَالَ: {إنَّمَا أَمْرُهُ إذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} وَهَذَا التَّقْسِيمُ تَقْسِيمٌ شَرِيفٌ وَهُوَ أَيْضًا وَارِدٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ فِي الْإِذْنِ وَالْأَمْرِ وَالْكَلِمَاتِ وَالتَّحْرِيمِ وَالْحُكْمِ وَالْقَضَاءِ كَمَا قَدْ بَيَّنَّاهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ وَبِمَعْرِفَتِهِ تَنْدَفِعُ شُبُهَاتٌ عَظِيمَةٌ.

وَمِنْ مَوَاقِعِ الشُّبْهَةِ ومثارات الْغَلَطِ: تَنَازَعَ النَّاسُ فِي " الْقُدْرَةِ " هَلْ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ مُقَارِنَةً لِلْفِعْلِ؟ أَوْ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ مُتَقَدِّمَةً عَلَيْهِ؟ وَالتَّحْقِيقُ الَّذِي عَلَيْهِ أَئِمَّةُ الْفُقَهَاءِ: أَنَّ الِاسْتِطَاعَةَ الْمَشْرُوطَةَ فِي الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ - وَهِيَ الَّتِي تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِيهَا - لَا يَجِبُ أَنْ تُقَارِنَ الْفِعْلَ. فَإِنَّ اللَّهَ إنَّمَا أَوْجَبَ الْحَجَّ عَلَى مَنْ اسْتَطَاعَهُ فَمَنْ لَمْ يَحُجَّ مِنْ هَؤُلَاءِ كَانَ عَاصِيًا بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ وَلَمْ يُوجَدْ فِي حَقِّهِ اسْتِطَاعَةٌ مُقَارِنَةٌ وَكَذَلِكَ سَائِرُ مَنْ عَصَى اللَّهَ مِنْ الْمَأْمُورِينَ الْمَنْهِيِّينَ وُجِدَ فِي حَقِّهِ الِاسْتِطَاعَةُ الْمَشْرُوطَةُ فِي الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ. وَأَمَّا الْمُقَارَنَةُ فَإِنَّمَا تُوجَدُ فِي حَقِّ مَنْ فَعَلَ وَالْفَاعِلُ لَا بُدَّ أَنْ يُرِيدَ الْفِعْلَ إرَادَةً جَازِمَةً وَأَنْ يَكُونَ قَادِرًا عَلَيْهِ وَإِذَا وُجِدَ ذَلِكَ فِي حَقِّهِ وَجَبَ وُجُودُ الْفِعْلِ. فَمَنْ قَالَ: الِاسْتِطَاعَةُ هِيَ الْمُقَارَنَةُ فَهِيَ مَجْمُوعُ مَا يُحِبُّ مِنْ الْفِعْلِ وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الْإِرَادَةُ وَغَيْرُهَا وَعَلَى هَذَا الِاصْطِلَاحِ يُقَالُ: إذَا لَمْ يُرِدْ الْفِعْلَ فَلَيْسَ