للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا} فَالنَّاسُ كُلُّهُمْ مَخْلُوقُونَ مِنْ آدَمَ وَحَوَّاءَ مَعَ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ يُخَاطِبُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ. وَالرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَبْعُوثٌ إلَى الْجِنْسَيْنِ لَكِنَّ لَفْظَ النَّاسِ لَمْ يَتَنَاوَلْ الْجِنَّ وَلَكِنْ يَقُولُ يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ.

وَكَذَلِكَ قَوْلُ الزَّجَّاجِ: أَنَّ الْمَعْنَى {مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ} الَّذِي هُوَ الْجِنَّةُ وَمِنْ شَرِّ النَّاسِ فِيهِ ضَعْفٌ وَإِنْ كَانَ أَرْجَحَ مِنْ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ شَرَّ الْجِنِّ أَعْظَمُ مِنْ شَرِّ الْإِنْسِ فَكَيْفَ يُطْلِقُ الِاسْتِعَاذَةَ مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ وَلَا يَسْتَعِيذُ إلَّا مِنْ بَعْضِ الْجِنِّ. وَأَيْضًا فَالْوَسْوَاسُ الْخَنَّاسُ إنْ لَمْ يَكُنْ إلَّا مِنْ الْجِنَّةِ فَلَا حَاجَةَ إلَى قَوْلِهِ {مِنَ الْجَنَّةِ} وَمِنْ {النَّاسِ} فَلِمَاذَا يَخُصُّ الِاسْتِعَاذَةَ مِنْ وَسْوَاسِ الْجِنَّةِ دُونَ وَسْوَاسِ النَّاسِ. وَأَيْضًا فَإِنَّهُ إذَا تَقَدَّمَ الْمَعْطُوفُ اسْمًا كَانَ عَطْفُهُ عَلَى الْقَرِيبِ أَوْلَى كَمَا أَنَّ عَوْدَ الضَّمِيرِ إلَى الْأَقْرَبِ أَوْلَى إلَّا إذَا كَانَ هُنَاكَ دَلِيلٌ يَقْتَضِي الْعَطْفَ عَلَى الْبَعِيدِ فَعَطْفُ النَّاسِ هُنَا عَلَى الْجِنَّةِ الْمُقِرُّونَ بِهِ أَوْلَى مِنْ عَطْفِهِ عَلَى الْوَسْوَاسِ.