للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَأَمَّا الْفِقْهُ وَالرَّأْيُ فَقَدْ عُلِمَ أَنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ مَنْ ابْتَدَعَ بِدْعَةً فِي أُصُولِ الدِّينِ وَلَمَّا حَدَثَ الْكَلَامُ فِي الرَّأْيِ فِي أَوَائِلِ الدَّوْلَةِ الْعَبَّاسِيَّةِ وَفَرَّعَ لَهُمْ رَبِيعَةُ بْنُ هُرْمُزَ فُرُوعًا كَمَا فَرَّعَ عُثْمَانُ البتي وَأَمْثَالُهُ بِالْبَصْرَةِ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَمْثَالُهُ بِالْكُوفَةِ وَصَارَ فِي النَّاسِ مَنْ يَقْبَلُ ذَلِكَ وَفِيهِمْ مَنْ يَرُدُّ وَصَارَ الرَّادُّونَ لِذَلِكَ مِثْلَ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ وَأَبِي الزِّنَادِ وَالزُّهْرِيِّ وَابْنِ عُيَيْنَة وَأَمْثَالِهِمْ؛ فَإِنْ رَدُّوا مَا رَدُّوا مِنْ الرَّأْيِ الْمُحْدَثِ بِالْمَدِينَةِ فَهُمْ لِلرَّأْيِ الْمُحْدَثِ بِالْعِرَاقِ أَشَدُّ رَدًّا فَلَمْ يَكُنْ أَهْلُ الْمَدِينَةِ أَكْثَرَ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ فِيمَا لَا يُحْمَدُ وَهُمْ فَوْقَهُمْ فِيمَا يَحْمَدُونَهُ وَبِهَذَا يَظْهَرُ الرُّجْحَانُ. وَأَمَّا مَا قَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ: لَمْ يَزَلْ أَمْرُ بَنِي إسْرَائِيلَ مُعْتَدِلًا حَتَّى فَشَا فِيهِمْ الْمُوَلَّدُونَ: أَبْنَاءُ سَبَايَا الْأُمَمِ فَقَالُوا فِيهِمْ بِالرَّأْيِ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا. قَالَ ابْنُ عُيَيْنَة: فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ فَوَجَدْنَا مَا حَدَثَ مِنْ الرَّأْيِ إنَّمَا هُوَ مِنْ الْمُوَلَّدِينَ أَبْنَاءِ سَبَايَا الْأُمَمِ وَذَكَرَ بَعْضُ مَنْ كَانَ بِالْمَدِينَةِ وَبِالْبَصْرَةِ وَبِالْكُوفَةِ وَاَلَّذِينَ بِالْمَدِينَةِ أَحْمَد عِنْدَ هَذَا مِمَّنْ بِالْعِرَاقِ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ. وَلَمَّا قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ إحْدَى الدَّوْلَتَيْنِ إنَّهُمْ كَانُوا أَتْبَعَ لِلسُّنَنِ مِنْ الدَّوْلَةِ الْأُخْرَى قَالَ ذَلِكَ لِأَجْلِ مَا ظَهَرَ بِمُقَارَبَتِهَا مِنْ الْحَدَثَانِ لِأَنَّ أُولَئِكَ أَوْلَى بِالْخِلَافَةِ نَسَبًا وَقَرْنًا.