وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَالْمُتَكَلِّمُ بِالْكَلَامِ الْمُبْتَدِئِ لَهُ سَوَاءً كَانَ نَظْمًا أَوْ نَثْرًا لَا رَيْبَ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَلَّفَ مَعَانِيَهُ وَأَلَّفَ أَلْفَاظَهُ؛ وَأَمَّا مُفْرَدَاتُ " الْأَسْمَاءِ وَالْحُرُوفِ " فَلَا رَيْبَ أَنَّهُ تَعَلَّمَهَا مِنْ غَيْرِهِ سَوَاءٌ كَانَتْ مَخْلُوقَةً أَوْ غَيْرَ مَخْلُوقَةٍ؛ فَإِنَّ " اللُّغَاتِ " سَابِقَةٌ لِكَلَامِ عَامَّةِ الْمُتَكَلِّمِينَ وَنُطْقِ النَّاطِقِينَ مِنْ الْبَشَرِ وَهُمْ تَلَقَّوْا الْأَسْمَاءَ وَحُرُوفَ الْأَسْمَاءِ الْمَوْجُودَةِ فِي لُغَاتِهِمْ عَمَّنْ قَبْلَهُمْ إلَى أَنْ يَنْتَهِيَ الْأَمْرُ إلَى أَوَّلِ مُتَكَلِّمٍ بِتِلْكَ الْأَسْمَاءِ الْمُفْرَدَةِ. ثُمَّ أَنَّهُ مِمَّا عُلِمَ بِالِاضْطِرَارِ وَاتَّفَقَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْأَرْضِ جَمِيعُهُمْ: أَنَّ الْكَلَامَ هُوَ كَلَامُ مَنْ أَلَّفَ مَعَانِيَهُ وَأَلْفَاظَهُ وَإِنْ كَانَ جَمِيعُ مَا فِيهِ مِنْ الْأَسْمَاءِ وَالْحُرُوفِ إنَّمَا تَعَلَّمَهَا مِنْ غَيْرِهِ فَالنَّاسُ مُطْبِقُونَ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْقَصَائِدَ كَلَامُ مُنْشِئِيهَا: مِثْلُ شَعْرِ امْرِئِ الْقَيْسِ وَالنَّابِغَةِ الذبياني: كَقَوْلِهِ: قِفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيبٍ وَمَنْزِلٍ فَجَمِيعُ الْأُمَمِ يَعْلَمُونَ وَيَقُولُونَ إنَّ هَذَا شِعْرُ امْرِئِ الْقَيْسِ وَكَلَامُهُ وَإِنْ كَانَتْ الْأَسْمَاءُ الْمُفْرَدَةُ فِيهِ إنَّمَا تَعَلَّمَهَا مِنْ غَيْرِهِ؛ فَإِنَّ الْعَرَبَ نَطَقَتْ قَبْلَهُ بِلَفْظِ " قِفَا " وَبِلَفْظِ " نَبْكِ " وَبِلَفْظِ " مِنْ ذِكْرَى " " حَبِيبٍ " " وَمَنْزِلٍ " وَجَمِيعُ الْمُسْلِمِينَ إذَا سَمِعُوا قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " {إنَّمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute