فَاعْلَمْ أَنَّ الْأَصْلَ فِي جَمِيعِ الْأَعْيَانِ الْمَوْجُودَةِ عَلَى اخْتِلَافِ أَصْنَافِهَا وَتَبَايُنِ أَوْصَافِهَا أَنْ تَكُونَ حَلَالًا مُطْلَقًا لِلْآدَمِيِّينَ وَأَنْ تَكُونَ طَاهِرَةً لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِمْ مُلَابَسَتُهَا وَمُبَاشَرَتُهَا وَمُمَاسَّتُهَا وَهَذِهِ كَلِمَةٌ جَامِعَةٌ وَمَقَالَةٌ عَامَّةٌ وَقَضِيَّةٌ فَاضِلَةٌ عَظِيمَةُ الْمَنْفَعَةِ وَاسِعَةُ الْبَرَكَةِ يَفْزَعُ إلَيْهَا حَمَلَةُ الشَّرِيعَةِ فِيمَا لَا يُحْصَى مِنْ الْأَعْمَالِ وَحَوَادِثِ النَّاسِ وَقَدْ دَلَّ عَلَيْهَا أَدِلَّةٌ عَشَرَةٌ - مِمَّا حَضَرَنِي ذِكْرُهُ مِنْ الشَّرِيعَةِ - وَهِيَ: كِتَابُ اللَّهِ وَسُنَّةُ رَسُولِهِ وَاتِّبَاعُ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ الْمَنْظُومَةِ فِي قَوْله تَعَالَى {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} وَقَوْلِهِ: {إنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا} . ثُمَّ مَسَالِكُ الْقِيَاسِ وَالِاعْتِبَارِ وَمَنَاهِجُ الرَّأْيِ وَالِاسْتِبْصَارِ. الصِّنْفُ الْأَوَّلُ: الْكِتَابُ وَهُوَ عِدَّةُ آيَاتٍ. الْآيَةُ الْأُولَى قَوْله تَعَالَى {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} وَالْخِطَابُ لِجَمِيعِ النَّاسِ لِافْتِتَاحِ الْكَلَامِ بِقَوْلِهِ: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ} وَوَجْهُ الدِّلَالَةِ أَنَّهُ أَخْبَرَ أَنَّهُ خَلَقَ جَمِيعَ مَا فِي الْأَرْضِ لِلنَّاسِ مُضَافًا إلَيْهِمْ بِاللَّامِ وَاللَّامُ حَرْفُ الْإِضَافَةِ وَهِيَ تُوجِبُ اخْتِصَاصَ الْمُضَافِ بِالْمُضَافِ إلَيْهِ وَاسْتِحْقَاقَهُ إيَّاهُ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي يَصْلُحُ لَهُ وَهَذَا الْمَعْنَى يَعُمُّ مَوَارِدَ اسْتِعْمَالِهَا. كَقَوْلِهِمْ: الْمَالُ لِزَيْدِ وَالسَّرْجُ لِلدَّابَّةِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَيَجِبُ إذًا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ مُمَلَّكِينَ مُمَكَّنِينَ لِجَمِيعِ مَا فِي الْأَرْضِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute