للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَأَمَّا الَّذِينَ كَرِهُوا الْقِرَاءَةَ فِي حَالِ اسْتِمَاعِ قِرَاءَةِ الْإِمَامِ مُطْلَقًا وَهُمْ الْجُمْهُورُ. فَحُجَّتُهُمْ قَوْله تَعَالَى {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} فَأَمَرَ بِالْإِنْصَاتِ مُطْلَقًا وَمَنْ قَرَأَ وَهُوَ يَسْتَمِعُ فَلَمْ يُنْصِتْ.

وَمَنْ أَجَابَ عَنْ هَذَا بِأَنَّ الْآيَةَ مَخْصُوصَةٌ بِغَيْرِ حَالِ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فَجَوَابُهُ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: مَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ أَحْمَد مِنْ إجْمَاعِ النَّاسِ عَلَى أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي الصَّلَاةِ وَفِي الْخُطْبَةِ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: " {وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا} ". وَأَيْضًا: فَالْمُسْتَمِعُ لِلْفَاتِحَةِ هُوَ كَالْقَارِئِ؛ وَلِهَذَا يُؤَمِّنُ عَلَى دُعَائِهَا. وَقَالَ: " {إذَا أَمَّنَ الْقَارِئُ فَأَمِّنُوا فَمَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ} . وَأَمَّا الْإِنْصَاتُ الْمَأْمُورُ بِهِ حَالَ قِرَاءَةِ الْإِمَامِ؛ فَهُوَ مِنْ بَابِ الْمُتَابَعَةِ لِلْإِمَامِ فَهُوَ فَاعِلٌ لِلِاتِّبَاعِ الْمَأْمُورِ بِهِ أَيْ بِمَقْصُودِ الْقِرَاءَةِ وَإِذَا قَرَأَ الْفَاتِحَةَ تَرَكَ الْمُتَابَعَةَ الْمَأْمُورَ بِهَا بِالْإِنْصَاتِ وَتَرَكَ الْإِنْصَاتَ الْمَأْمُورَ بِهِ فِي الْقُرْآنِ وَلَمْ يَعْتَضْ عَنْ هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ إلَّا بِقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ الَّتِي حَصَلَ الْمَقْصُودُ مِنْهَا بِاسْتِمَاعِهِ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ وَتَأْمِينِهِ عَلَيْهَا. وَكَانَ قَدْ تَرَكَ الْإِنْصَاتَ الْمَأْمُورَ بِهِ إلَى غَيْرِ بَدَلٍ فَفَاتَهُ هَذَا الْوَاجِبُ وَلَمْ يَعْتَضْ عَنْهُ إلَّا مَا حَصَلَ مَقْصُودُهُ بِدُونِهِ. وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ إذَا دَارَ