للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَكَانَ مَقْصُودُهُ الْإِعْرَاضَ عَنْ لَفْظٍ وَقَعَ فِيهِ النِّزَاعُ إلَى مَعْنًى لَا رَيْبَ فِي ثُبُوتِهِ. وَأَنْكَرَ حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ وَمَنْ اتَّبَعَهُ تَفَاضُلَ الْإِيمَانِ وَدُخُولَ الْأَعْمَالِ فِيهِ وَالِاسْتِثْنَاءَ فِيهِ؛ وَهَؤُلَاءِ مِنْ مُرْجِئَةِ الْفُقَهَاءِ وَأَمَّا إبْرَاهِيمُ النَّخَعِي - إمَامُ أَهْلِ الْكُوفَةِ شَيْخُ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ - وَأَمْثَالُهُ؛ وَمَنْ قَبْلَهُ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ مَسْعُودٍ: كعلقمة وَالْأَسْوَدِ؛ فَكَانُوا مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ مُخَالَفَةً لِلْمُرْجِئَةِ وَكَانُوا يَسْتَثْنُونَ فِي الْإِيمَانِ؛ لَكِنَّ حَمَّادَ بْنَ أَبِي سُلَيْمَانَ خَالَفَ سَلَفَهُ؛ وَاتَّبَعَهُ مَنْ اتَّبَعَهُ وَدَخَلَ فِي هَذَا طَوَائِفُ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ. ثُمَّ إنَّ " السَّلَفَ وَالْأَئِمَّةَ " اشْتَدَّ إنْكَارُهُمْ عَلَى هَؤُلَاءِ وَتَبْدِيعُهُمْ وَتَغْلِيظُ الْقَوْلِ فِيهِمْ؛ وَلَمْ أَعْلَمِ أَحَدًا مِنْهُمْ نَطَقَ بِتَكْفِيرِهِمْ؛ بل هُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّهُمْ لَا يُكَفَّرُونَ فِي ذَلِكَ؛ وَقَدْ نَصَّ أَحْمَد وَغَيْرُهُ مِنْ الْأَئِمَّةِ: عَلَى عَدَمِ تَكْفِيرِ هَؤُلَاءِ الْمُرْجِئَةِ. وَمَنْ نَقَلَ عَنْ أَحْمَد أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْأَئِمَّةِ تَكْفِيرًا لِهَؤُلَاءِ؛ أَوْ جَعَلَ هَؤُلَاءِ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ الْمُتَنَازَعِ فِي تَكْفِيرِهِمْ فَقَدْ غَلِطَ غَلَطًا عَظِيمًا؛ وَالْمَحْفُوظُ عَنْ أَحْمَد وَأَمْثَالِهِ مِنْ الْأَئِمَّةِ؛ إنَّمَا هُوَ تَكْفِيرُ الْجَهْمِيَّة وَالْمُشَبِّهَةِ وَأَمْثَالِ هَؤُلَاءِ وَلَمْ يُكَفِّرْ أَحْمَد " الْخَوَارِجَ " وَلَا " الْقَدَرِيَّةَ " إذَا أَقَرُّوا بِالْعِلْمِ؛ وَأَنْكَرُوا خَلْقَ الْأَفْعَالِ وَعُمُومَ الْمَشِيئَةِ؛ لَكِنْ حُكِيَ عَنْهُ فِي تَكْفِيرِهِمْ رِوَايَتَانِ. وَأَمَّا " الْمُرْجِئَةُ " فَلَا يَخْتَلِفُ قَوْلُهُ فِي عَدَمِ تَكْفِيرِهِمْ؛ مَعَ أَنَّ أَحْمَد لَمْ يُكَفِّرْ أَعْيَانَ الْجَهْمِيَّة وَلَا كُلَّ مَنْ قَالَ إنَّهُ جهمي كَفَّرَهُ وَلَا كُلَّ مَنْ وَافَقَ الْجَهْمِيَّة فِي