وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ أَمَرَ بِوَضْعِ الْجَوَائِحِ وَقَالَ: {إنْ بِعْت مِنْ أَخِيك ثَمَرَةً فَأَصَابَتْهَا جَائِحَةٌ فَلَا يَحِلُّ لَك أَنْ تَأْخُذَ مِنْ مَالِ أَخِيك شَيْئًا بِمَ يَأْخُذُ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ بِغَيْرِ حَقٍّ؟} . وَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَهْلِ الْمَدِينَةِ فِي هَذَا الْبَابِ أَشْبَهُ بِالسُّنَّةِ وَالْعَدْلِ مِنْ مَذْهَبِ مَنْ خَالَفَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَغَيْرِهِمْ وَذَلِكَ أَنَّ مُخَالِفَهُمْ جَعَلَ الْبَيْعَ إذَا وَقَعَ عَلَى مَوْجُودٍ جَازَ سَوَاءٌ كَانَ قَدْ بَدَا صَلَاحُهُ أَوْ لَمْ يَكُنْ قَدْ بَدَا صَلَاحُهُ وَجَعَلَ مُوجِبَ كُلِّ عَقْدٍ قَبْضَ الْمَبِيعِ عَقِبَهُ وَلَمْ يُجِزْ تَأْخِيرَ الْقَبْضِ فَقَالَ: إنَّهُ إذَا اشْتَرَى الثَّمَرَ بَادِيًا صَلَاحُهُ أَوْ غَيْرَ بَادٍ صَلَاحُهُ جَازَ وَمُوجَبُ الْعَقْدِ الْقَطْعُ فِي الْحَالِ لَا يَسُوغُ لَهُ تَأْخِيرُ الثَّمَرِ إلَى تَكَمُّلِ صَلَاحِهِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْتَرِطَهُ. وَجَعَلُوا ذَلِكَ الْقَبْضَ قَبْضًا نَاقِلًا لِلضَّمَانِ إلَى الْمُشْتَرِي دُونَ الْبَائِعِ وَطَرَدُوا ذَلِكَ فَقَالُوا: إذَا بَاعَ عَيْنًا مُؤَجَّرَةً لَمْ يَصِحَّ لِتَأْخِيرِ التَّسْلِيمِ وَقَالُوا: إذَا اسْتَثْنَى مَنْفَعَةَ الْمَبِيعِ: كَظَهْرِ الْبَعِيرِ وَسُكْنَى الدَّارِ لَمْ يَجُزْ وَذَلِكَ كُلُّهُ فَرْعٌ عَلَى ذَلِكَ الْقِيَاسِ. وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ وَأَهْلُ الْحَدِيثِ خَالَفُوهُمْ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَاتَّبَعُوا النُّصُوصَ الصَّحِيحَةَ وَهُوَ مُوَافَقَةُ الْقِيَاسِ الصَّحِيحِ الْعَادِلِ فَإِنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ: الْعَقْدُ مُوجِبٌ الْقَبْضَ عَقِبَهُ؛ يُقَالُ لَهُ: مُوجَبُ الْعَقْدِ إمَّا أَنْ يُتَلَقَّى مِنْ الشَّارِعِ؛ أَوْ مِنْ قَصْدِ الْعَاقِدِ وَالشَّارِعُ لَيْسَ فِي كَلَامِهِ مَا يَقْتَضِي أَنَّ هَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute