للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُوجِبُ مُوجَبَ الْعَقْدِ مُطْلَقًا وَأَمَّا الْمُتَعَاقِدَانِ فَهُمَا تَحْتَ مَا تَرَاضَيَا بِهِ وَيَعْقِدَانِ الْعَقْدَ عَلَيْهِ فَتَارَةً يَعْقِدَانِ عَلَى أَنْ يَتَقَابَضَا عَقِبَهُ وَتَارَةً عَلَى أَنْ يَتَأَخَّرَ الْقَبْضُ كَمَا فِي الثَّمَرِ؛ فَإِنَّ الْعَقْدَ الْمُطْلَقَ يَقْتَضِي الْحُلُولَ؛ وَلَهُمَا تَأْجِيلُهُ إذَا كَانَ لَهُمَا فِي التَّأْجِيلِ مَصْلَحَةٌ فَكَذَلِكَ الْأَعْيَانُ؛ فَإِذَا كَانَتْ الْعَيْنُ الْمَبِيعَةُ فِيهَا مَنْفَعَةٌ لِلْبَائِعِ أَوْ غَيْرِهِ كَالشَّجَرِ الَّذِي ثَمَرُهُ ظَاهِرٌ وَكَالْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ وَكَالْعَيْنِ الَّتِي اسْتَثْنَى الْبَائِعُ نَفْعَهَا مُدَّةً لَمْ يَكُنْ مُوجَبُ هَذَا الْعَقْدِ أَنْ يَقْتَضِيَ الْمُشْتَرِي مَا لَيْسَ لَهُ؛ وَمَا لَمْ يَمْلِكْهُ إذَا كَانَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ بَعْضَ الْعَيْنِ دُونَ بَعْضٍ كَانَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهَا دُونَ مَنْفَعَتِهَا. ثُمَّ سَوَاءٌ قِيلَ: إنَّ الْمُشْتَرِيَ يَقْبِضُ الْعَيْنَ أَوْ قِيلَ: لَا يَقْبِضُهَا بِحَالِ: لَا يَضُرُّ ذَلِكَ؛ فَإِنَّ الْقَبْضَ فِي الْبَيْعِ لَيْسَ هُوَ مِنْ تَمَامِ الْعَقْدِ كَمَا هُوَ فِي الرَّهْنِ بَلْ الْمِلْكُ يَحْصُلُ قَبْلَ الْقَبْضِ لِلْمُشْتَرِي تَابِعًا وَيَكُونُ نَمَاءُ الْمَبِيعِ لَهُ بِلَا نِزَاعٍ وَإِنْ كَانَ فِي يَدِ الْبَائِعِ وَلَكِنَّ أَثَرَ الْقَبْضِ إمَّا فِي الضَّمَانِ وَإِمَّا فِي جَوَازِ التَّصَرُّفِ. وَقَدْ ثَبَتَ {عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: مَضَتْ السُّنَّةُ أَنَّ مَا أَدْرَكَتْهُ الصَّفْقَةُ حَيًّا مَجْمُوعًا فَهُوَ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي} . وَلِهَذَا ذَهَبَ إلَى ذَلِكَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَأَهْلُ الْحَدِيثِ؛ فَإِنَّ تَعْلِيقَ الضَّمَانِ بِالتَّمْكِينِ مِنْ الْقَبْضِ أَحْسَنُ مِنْ تَعْلِيقِهِ بِنَفْسِ الْقَبْضِ وَبِهَذَا جَاءَتْ السُّنَّةُ فَفِي الثِّمَارِ الَّتِي أَصَابَتْهَا جَائِحَةٌ لَمْ يَتَمَكَّنْ الْمُشْتَرِي مِنْ الْجِذَاذِ