للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَذَلِكَ أَنَّهُ إنَّمَا يُقَالُ: افْعَلْ كَذَا إنْ شِئْت لِمَنْ قَدْ يَفْعَلُهُ مُكْرَهًا فَيَفْعَلُ مَا لَا يُرِيدُ لِدَفْعِ ضَرَرِ الْإِكْرَاهِ عَنْهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى لَا مُكْرِهَ لَهُ فَلَا يَفْعَلُ إلَّا مَا يَشَاءُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى: {إنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} و {يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ} وَنَحْوُ ذَلِكَ هُوَ لِإِثْبَاتِ قُدْرَتِهِ عَلَى مَا يَشَاءُ وَهَذَا رَدٌّ لِقَوْلِ الْقَدَرِيَّةِ الْنُّفَاةِ الَّذِينَ يَقُولُونَ إنَّهُ لَمْ يَشَأْ كُلَّ مَا كَانَ بَلْ لَا يَشَاءُ إلَّا الطَّاعَةَ وَمَعَ هَذَا فَقَدْ شَاءَهَا وَلَمْ تَكُنْ مِمَّنْ عَصَاهُ وَلَيْسَ هُوَ قَادِرًا عِنْدَهُمْ عَلَى أَنْ يَجْعَلَ الْعَبْدَ لَا مُطِيعًا وَلَا عَاصِيًا. فَهَذِهِ الْآيَاتُ الَّتِي تَحْتَجُّ بِهَا الْمُجَبِّرَةُ تَدُلُّ عَلَى فَسَادِ مَذْهَبِ الْنُّفَاةِ كَمَا أَنَّ الْآيَاتِ الَّتِي يَحْتَجُّ بِهَا الْنُّفَاةِ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ حَكَمٌ عَادِلٌ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَأَنَّهُ لَمْ يَخْلُقْ الْخَلْقَ عَبَثًا وَنَحْوَ ذَلِكَ تَدُلُّ عَلَى فَسَادِ قَوْلِ الْمُجَبِّرَةِ وَلَيْسَ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ وَلَا هَذِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِ وَاحِدَةٍ مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ؛ بَلْ مَا تَحْتَجُّ بِهِ كُلُّ طَائِفَةٍ يَدُلُّ عَلَى فَسَادِ مَذْهَبِ الْأُخْرَى وَكِلَا الْقَوْلَيْنِ بَاطِلٌ وَهَذَا هُوَ الَّذِي نَهَى عَنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي فِي الْمُسْنَدِ وَغَيْرِهِ وَبَعْضُهُ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {أَنَّهُ خَرَجَ عَلَى أَصْحَابِهِ وَهُمْ يَتَمَارَوْنَ فِي الْقَدَرِ. هَذَا يَقُولُ أَلَمْ يَقُلْ اللَّهُ كَذَا؟ وَهَذَا يَقُولُ أَلَمْ يَقُلْ اللَّهُ كَذَا؟ فَكَأَنَّمَا فُقِئَ فِي وَجْهِهِ حَبُّ الرُّمَّانِ فَقَالَ: أَبِهَذَا أُمِرْتُمْ؟ أَمْ إلَى هَذَا دُعِيتُمْ أَنْ تَضْرِبُوا كِتَابَ اللَّهِ بَعْضَهُ بِبَعْضِ؟} وَلِهَذَا قَالَ أَحْمَد فِي بَعْضِ مُنَاظَرَتِهِ لِمَنْ صَارَ يَضْرِبُ الْآيَاتِ