للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لَا يُصْلِحُهُ إلَّا الْغِنَى؛ وَلَوْ أَفْقَرْته لَأَفْسَدَهُ ذَلِكَ؛ وَإِنَّ مِنْ عِبَادِي مَنْ لَا يُصْلِحُهُ إلَّا الْفَقْرُ وَلَوْ أَغْنَيْته لَأَفْسَدَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ مِنْ عِبَادِي مَنْ لَا يُصْلِحُهُ إلَّا الصِّحَّةُ وَلَوْ أَسْقَمْته لَأَفْسَدَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ مِنْ عِبَادِي مَنْ لَا يُصْلِحُهُ إلَّا السَّقَمُ وَلَوْ أَصْحَحْته لَأَفْسَدَهُ ذَلِكَ إنِّي أُدَبِّرُ عِبَادِي؛ إنِّي بِهِمْ خَبِيرٌ بَصِيرٌ} . وَفِي هَذَا الْمَعْنَى مَا يُرْوَى: {إنَّ اللَّهَ يَحْمِي عَبْدَهُ الْمُؤْمِنَ الدُّنْيَا؛ كَمَا يَحْمِي أَحَدُكُمْ مَرِيضَهُ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ} . وَيُرْوَى فِي مُنَاجَاةِ مُوسَى نَحْوُ هَذَا. ذَكَرَهُ أَحْمَد فِي الزُّهْدِ. فَهَذَا فِيمَنْ يَضُرُّهُ الْغِنَى وَيُصْلِحُهُ الْفَقْرُ كَمَا فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ {نِعْمَ الْمَالُ الصَّالِحُ لِلرَّجُلِ الصَّالِحِ} . وَكَمَا أَنَّ الْأَقْوَالَ فِي الْمَسْأَلَةِ " ثَلَاثَةٌ " فَالنَّاسُ " ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ ": غَنِيٌّ وَهُوَ مَنْ مَلَكَ مَا يَفْضُلُ عَنْ حَاجَتِهِ. وَفَقِيرٌ؛ وَهُوَ مَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى تَمَامِ كِفَايَتِهِ. وَقِسْمٌ ثَالِثٌ: وَهُوَ مَنْ يَمْلِكُ وَفْقَ كِفَايَتِهِ؛ وَلِهَذَا كَانَ فِي أَكَابِرِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ وَالسَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ مَنْ كَانَ غَنِيًّا: كَإِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ وَأَيُّوبَ ودَاوُد وَسُلَيْمَانَ وَعُثْمَانَ بْنِ عفان وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ وَسَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ وأسيد بْنِ الحضير وَأَسْعَدَ بْنِ زرارة وَأَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ وعبادة بْنِ الصَّامِتِ وَنَحْوِهِمْ. مِمَّنْ هُوَ مِنْ أَفْضَلِ الْخَلْقِ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ.