" ضَرْبٌ " أَنْكَرُوا أَنْ يَكُونَ الْمُؤْمِنُونَ يَرَوْنَ رَبَّهُمْ. كَمَا ذَهَبَ إلَى ذَلِكَ الْجَهْمِيَّة مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ وَغَيْرِهِمْ. " وَمِنْهُمْ " مَنْ أَقَرَّ بِالرُّؤْيَةِ إمَّا الرُّؤْيَةُ الَّتِي أَخْبَرَ بِهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ وَإِمَّا بِرُؤْيَةِ فَسَّرُوهَا بِزِيَادَةِ كَشْفٍ أَوْ عِلْمٍ أَوْ جَعْلِهَا بِحَاسَّةٍ سَادِسَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْأَقْوَالِ الَّتِي ذَهَبَ إلَيْهَا ضِرَارُ بْنُ عَمْرٍو وَطَوَائِفُ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ الْمُنْتَسِبِينَ إلَى نَصْرِ أَهْلِ السُّنَّةِ فِي مَسْأَلَةِ الرُّؤْيَةِ وَإِنْ كَانَ مَا يُثْبِتُونَهُ مِنْ جِنْسِ مَا تَنْفِيه الْمُعْتَزِلَةُ والضرارية. وَالنِّزَاعُ بَيْنَهُمْ لَفْظِيٌّ وَنِزَاعُهُمْ مَعَ أَهْلِ السُّنَّةِ مَعْنَوِيٌّ؛ وَلِهَذَا كَانَ بِشْرٌ وَأَمْثَالُهُ يُفَسِّرُونَ الرُّؤْيَةَ بِنَحْوِ مِنْ تَفْسِيرِ هَؤُلَاءِ. وَ (الْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّ مُثْبِتَةَ (الرُّؤْيَةِ مِنْهُمْ مَنْ أَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ الْمُؤْمِنُ يَنْعَمُ بِنَفْسِ رُؤْيَتِهِ رَبَّهُ قَالُوا: لِأَنَّهُ لَا مُنَاسَبَةَ بَيْنَ الْمُحْدَثِ وَالْقَدِيمِ كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ الْأُسْتَاذُ أَبُو الْمَعَالِي الجُوَيْنِي فِي " الرِّسَالَةِ النِّظَامِيَّةِ " وَكَمَا ذَكَرَهُ أَبُو الْوَفَاءِ بْنُ عَقِيلٍ فِي بَعْضِ كُتُبِهِ وَنَقَلُوا عَنْ ابْنِ عَقِيلٍ أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ: أَسْأَلُك لَذَّةَ النَّظَرِ إلَى وَجْهِك. فَقَالَ: يَا هَذَا هَبْ أَنَّ لَهُ وَجْهًا أَلَهُ وَجْهٌ يُتَلَذَّذُ بِالنَّظَرِ إلَيْهِ وَذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي: أَنَّ اللَّهَ يَخْلُقُ لَهُمْ نَعِيمًا بِبَعْضِ الْمَخْلُوقَاتِ مُقَارِنًا لِلرُّؤْيَةِ فَأَمَّا النَّعِيمُ بِنَفْسِ الرُّؤْيَةِ فَأَنْكَرَهُ وَجَعَلَ هَذَا مِنْ أَسْرَارِ التَّوْحِيدِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute