للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلَا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ. وَأَطْلَقْنَا مِنْ النَّصَارَى مَنْ شَاءَ اللَّهُ. فَهَذَا عَمَلُنَا وَإِحْسَانُنَا وَالْجَزَاءُ عَلَى اللَّهِ. وَكَذَلِكَ السَّبْيُ الَّذِي بِأَيْدِينَا مِنْ النَّصَارَى يَعْلَمُ كُلُّ أَحَدٍ إحْسَانَنَا وَرَحْمَتَنَا وَرَأْفَتَنَا بِهِمْ؛ كَمَا أَوْصَانَا خَاتَمُ الْمُرْسَلِينَ حَيْثُ قَالَ فِي آخِرِ حَيَاتِهِ: {الصَّلَاةُ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا} . وَمَعَ خُضُوعِ التَّتَارِ لِهَذِهِ الْمِلَّةِ وَانْتِسَابِهِمْ إلَى هَذِهِ الْمِلَّةِ؛ فَلَمْ نُخَادِعْهُمْ وَلَمْ نُنَافِقْهُمْ؛ بَلْ بَيَّنَّا لَهُمْ مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ الْفَسَادِ وَالْخُرُوجِ عَنْ الْإِسْلَامِ الْمُوجِبِ لِجِهَادِهِمْ وَأَنَّ جُنُودَ اللَّهِ الْمُؤَيَّدَةَ وَعَسَاكِرَهُ الْمَنْصُورَةَ الْمُسْتَقِرَّةَ بِالدِّيَارِ الشَّامِيَّةِ وَالْمِصْرِيَّةِ: مَا زَالَتْ مَنْصُورَةٌ عَلَى مَنْ نَاوَأَهَا. مُظَفَّرَةً عَلَى مَنْ عَادَاهَا. وَفِي هَذِهِ الْمُدَّةِ لَمَّا شَاعَ عِنْدَ الْعَامَّةِ أَنَّ التَّتَارَ مُسْلِمُونَ أَمْسَكَ الْعَسْكَرَ عَنْ قِتَالِهِمْ فَقَتَلَ مِنْهُمْ بِضْعَةَ عَشَرَ أَلْفًا وَلَمْ يَقْتُلْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ مِائَتَانِ. فَلَمَّا انْصَرَفَ الْعَسْكَرُ إلَى مِصْرَ وَبَلَغَهُ مَا عَلَيْهِ هَذِهِ الطَّائِفَةُ الْمَلْعُونَةُ مِنْ الْفَسَادِ وَعَدَمِ الدِّينِ: خَرَجَتْ جُنُودُ اللَّهِ وَلِلْأَرْضِ مِنْهَا وَئِيدٌ قَدْ مَلَأَتْ السَّهْلَ وَالْجَبَلَ؛ فِي كَثْرَةٍ وَقُوَّةٍ وَعِدَّةٍ وَإِيمَانٍ وَصِدْقٍ. قَدْ بَهَرَتْ الْعُقُولَ وَالْأَلْبَابَ. مَحْفُوفَةٌ بِمَلَائِكَةِ اللَّهِ الَّتِي مَا زَالَ يُمَدُّ بِهَا الْأُمَّةَ الْحَنِيفِيَّةَ الْمُخْلِصَةَ لِبَارِئِهَا: فَانْهَزَمَ الْعَدُوُّ بَيْنَ أَيْدِيهَا وَلَمْ يَقِفْ لِمُقَابَلَتِهَا. ثُمَّ أَقْبَلَ الْعَدُوُّ ثَانِيًا فَأَرْسَلَ عَلَيْهِ مِنْ