الْعَذَابِ مَا أَهْلَكَ النُّفُوسَ وَالْخَيْلَ وَانْصَرَفَ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ وَصَدَقَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَنَصَرَ عَبْدَهُ. وَهُوَ الْآنُ فِي الْبَلَاءِ الشَّدِيدِ والتعكيس الْعَظِيمِ وَالْبَلَاءِ الَّذِي أَحَاطَ بِهِ. وَالْإِسْلَامُ فِي عِزٍّ مُتَزَايِدٍ وَخَيْرٍ مُتَرَافِدٍ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قَالَ: {إنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ فِي رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لَهَا أَمْرَ دِينِهَا} . وَهَذَا الدِّينُ فِي إقْبَالٍ وَتَجْدِيدٍ. وَأَنَا نَاصِحٌ لِلْمَلِكِ وَأَصْحَابِهِ - وَاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَالْفُرْقَانَ. وَيَعْلَمُ الْمَلِكُ أَنَّ وَفْدَ نجران - وَكَانُوا نَصَارَى كُلَّهُمْ فِيهِمْ الْأَسْقُفُ وَغَيْرُهُ - لَمَّا قَدِمُوا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدَعَاهُمْ إلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِلَى الْإِسْلَامِ: خَاطَبُوهُ فِي أَمْرِ الْمَسِيحِ وَنَاظَرُوهُ فَلَمَّا قَامَتْ عَلَيْهِمْ الْحُجَّةُ جَعَلُوا يُرَاوِغُونَ فَأَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ أَنْ يَدْعُوَهُمْ إلَى الْمُبَاهَلَةِ كَمَا قَالَ: {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ} . فَلَمَّا ذَكَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ استشوروا بَيْنَهُمْ فَقَالُوا: تَعْلَمُونَ أَنَّهُ نَبِيٌّ وَأَنَّهُ مَا بَاهَلَ أَحَدٌ نَبِيًّا فَأَفْلَحَ. فَأَدَّوْا إلَيْهِ الْجِزْيَةَ وَدَخَلُوا فِي الذِّمَّةِ وَاسْتَعْفَوْا مِنْ الْمُبَاهَلَةِ. وَكَذَلِكَ بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كِتَابَهُ إلَى قَيْصَرَ الَّذِي كَانَ مَلِكَ النَّصَارَى بِالشَّامِ وَالْبَحْرِ إلَى قُسْطَنْطِينِيَّةَ وَغَيْرِهَا وَكَانَ مَلِكًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute