للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلِهَذَا كَانَ السَّلَفُ مَعَ الِاقْتِتَالِ يُوَالِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا مُوَالَاةَ الدِّينِ، لَا يُعَادُونَ كَمُعَادَاةِ الْكُفَّارِ فَيَقْبَلُ بَعْضُهُمْ شَهَادَةَ بَعْضٍ وَيَأْخُذُ بَعْضُهُمْ الْعِلْمَ عَنْ بَعْضٍ وَيَتَوَارَثُونَ وَيَتَنَاكَحُونَ وَيَتَعَامَلُونَ بِمُعَامَلَةِ الْمُسْلِمِينَ بَعْضِهِمْ مَعَ بَعْضٍ، مَعَ مَا كَانَ بَيْنَهُمْ مِنْ الْقِتَالِ وَالتَّلَاعُنِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ {النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَ رَبَّهُ أَنْ لَا يُهْلِكَ أُمَّتَهُ بِسَنَةِ عَامَّةٍ فَأَعْطَاهُ ذَلِكَ وَسَأَلَهُ أَنْ لَا يُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ فَأَعْطَاهُ ذَلِكَ وَسَأَلَهُ أَنْ لَا يَجْعَلَ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ فَلَمْ يُعْطَ ذَلِكَ} " وَأَخْبَرَ أَنَّ اللَّهَ لَا يُسَلِّطُ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ يَغْلِبُهُمْ كُلَّهُمْ حَتَّى يَكُونَ بَعْضُهُمْ يَقْتُلُ بَعْضًا وَبَعْضُهُمْ يَسْبِي بَعْضًا. وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ {لَمَّا نَزَلَ قَوْله تَعَالَى {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ} قَالَ أَعُوذُ بِوَجْهِك {أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} قَالَ أَعُوذُ بِوَجْهِك {أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ} قَالَ هَاتَانِ أَهْوَنُ} ". هَذَا مَعَ أَنَّ اللَّهَ أَمَرَ بِالْجَمَاعَةِ والائتلاف وَنَهَى عَنْ الْبِدْعَةِ وَالِاخْتِلَافِ وَقَالَ: {إنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ} وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " {عَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ فَإِنَّ يَدَ اللَّهِ عَلَى الْجَمَاعَةِ} " وَقَالَ: " {الشَّيْطَانُ