للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مُنَاظَرَةً تَقْطَعُ دَابِرَهُمْ لَمْ يَكُنْ أَعْطَى الْإِسْلَامَ حَقَّهُ وَلَا وَفَى بِمُوجِبِ الْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ وَلَا حَصَلَ بِكَلَامِهِ شِفَاءُ الصُّدُورِ وَطُمَأْنِينَةُ النُّفُوسِ وَلَا أَفَادَ كَلَامُهُ الْعِلْمَ وَالْيَقِينَ. وَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ الْإِيمَانَ بِالرَّسُولِ وَالْجِهَادَ مَعَهُ وَمِنْ الْإِيمَانِ بِهِ تَصْدِيقُهُ فِي كُلِّ مَا أَخْبَرَ بِهِ وَمِنْ الْجِهَادِ مَعَهُ دَفْعُ كُلِّ مَنْ عَارَضَ مَا جَاءَ بِهِ وَأَلْحَدَ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ وَآيَاتِهِ. وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ دَائِرَةٍ بَيْنَ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ مِنْ حَقٍّ ثَابِتٍ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ؛ أَوْ تَفْصِيلٍ لَكِنْ مَنْ لَمْ يَكُنْ عَارِفًا بِآثَارِ السَّلَفِ وَحَقَائِقِ أَقْوَالِهِمْ وَحَقِيقَةِ مَا جَاءَ بِهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ؛ وَحَقِيقَةِ الْمَعْقُولِ الصَّرِيحِ الَّذِي لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يُنَاقِضَ ذَلِكَ لَمْ يُمْكِنْهُ أَنْ يَقُولَ بِمَبْلَغِ عِلْمِهِ؛ وَلَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا.

وَلَا رَيْبَ أَنَّ الْخَطَأَ فِي دَقِيقِ الْعِلْمِ مَغْفُورٌ لِلْأُمَّةِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي الْمَسَائِلِ الْعِلْمِيَّةِ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَهَلَكَ أَكْثَرُ فُضَلَاءِ الْأُمَّةِ. وَإِذَا كَانَ اللَّهُ يَغْفِرُ لِمَنْ جَهِلَ تَحْرِيمَ الْخَمْرِ لِكَوْنِهِ نَشَأَ بِأَرْضِ جَهْلٍ؛ مَعَ كَوْنِهِ لَمْ يَطْلُبْ الْعِلْمَ فَالْفَاضِلُ الْمُجْتَهِدُ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ بِحَسَبِ مَا أَدْرَكَهُ فِي زَمَانِهِ وَمَكَانِهِ إذَا كَانَ مَقْصُودُهُ مُتَابَعَةَ الرَّسُولِ بِحَسَبِ إمْكَانِهِ هُوَ أَحَقُّ بِأَنْ يَتَقَبَّلَ اللَّهُ حَسَنَاتِهِ وَيُثِيبَهُ عَلَى اجْتِهَادَاتِهِ وَلَا يُؤَاخِذَهُ بِمَا أَخْطَأَ تَحْقِيقًا لِقَوْلِهِ: