وَأَسْمَاءُ الْمَصَادِرِ فِي بَابِ الْكَلَامِ تَتَضَمَّنُ الْقَوْلَ نَفْسَهُ وَتَدُلُّ عَلَى فِعْلِ الْقَائِلِ بِطَرِيقِ التَّضَمُّنِ وَاللُّزُومِ فَإِنَّك إذَا قُلْت: الْكَلَامُ وَالْخَبَرُ وَالْحَدِيثُ وَالنَّبَأُ وَالْقَصَصُ لَمْ يَكُنْ مِثْلَ قَوْلِك: التَّكْلِيمُ وَالْإِنْبَاءُ وَالْإِخْبَارُ وَالتَّحْدِيثُ وَلِهَذَا يُقَالُ إنَّهُ مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَفْعُولِ بِهِ وَاسْمُ الْمَصْدَرِ يَنْتَصِبُ عَلَى الْمَصْدَرِ كَمَا فِي قَوْلِهِ {وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا} فَإِذَا قَالَ: كَلَّمْته كَلَامًا حَسَنًا وَحَدَّثْته حَدِيثًا طَيِّبًا وَأَخْبَرْته أَخْبَارًا سَارَّةً وَقَصَصْت عَلَيْهِ قِصَصًا صَادِقَةً وَنَحْوَ ذَلِكَ كَانَ هَذَا مَنْصُوبًا عَلَى الْمَفْعُولِ بِهِ لَمْ يَكُنْ هَذَا كَقَوْلِك كَلَّمْته تَكْلِيمًا وَأَنْبَأْته إنْبَاءً. فَتَبَيَّنَ أَنَّ قَوْلَهُ {أَحْسَنَ الْقَصَصِ} مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَفْعُولِ وَكُلُّ مَا قَصَّهُ اللَّهُ فَهُوَ أَحْسَنُ الْقَصَصِ وَلَكِنَّ هَذَا إذَا كَانَ يَتَضَمَّنُ مَعْنَى الْمَصْدَرِ وَمَعْنَى الْمَفْعُولِ بِهِ جَازَ أَنْ يَنْتَصِبَ عَلَى الْمَعْنَيَيْنِ جَمِيعًا فَإِنَّهُمَا مُتَلَازِمَانِ تَقُولُ: قُلْت قَوْلًا حَسَنًا وَقَدْ أَسْمَعْته قَوْلًا وَلَمْ يَسْمَعْ الْفِعْلَ الَّذِي هُوَ مُسَمَّى الْمَصْدَرِ وَإِنَّمَا سَمِعَ الصَّوْتَ وَتَقُولُ قَالَ يَقُولُ قَوْلًا فَتَجْعَلُهُ مَصْدَرًا وَالصَّوْتُ نَفْسُهُ لَيْسَ هُوَ مُسَمَّى الْمَصْدَرِ إنَّمَا مُسَمَّى الْمَصْدَرِ الْفِعْلُ الْمُسْتَلْزِمُ لِلصَّوْتِ وَلَكِنَّ هُمَا مُتَلَازِمَانِ.
وَلِهَذَا تَنَازَعَ أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ فِي التِّلَاوَةِ وَالْقُرْآنِ هَلْ هِيَ الْقُرْآنُ الْمَتْلُوُّ أَمْ لَا؟ وَقَدْ تَفَطَّنَ ابْنُ قُتَيْبَةَ وَغَيْرُهُ لِمَا يُنَاسِبُ هَذَا الْمَعْنَى وَتَكَلَّمَ عَلَيْهِ وَسَبَبُ الِاشْتِبَاهِ أَنَّ الْمَتْلُوَّ هُوَ الْقُرْآنُ نَفْسُهُ الَّذِي هُوَ الْكَلَامُ وَالتِّلَاوَةُ قَدْ يُرَادُ بِهَا هَذَا وَقَدْ يُرَادُ بِهَا نَفْسُ حَرَكَةِ التَّالِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute