للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ:

قَوْلُهُ: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ} {كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ} فِي أَثْنَاءِ آيَاتِ الْمَعَادِ وَعَقِبَهَا بِآيَةِ الْمَعَادِ ثُمَّ أَتْبَعَهُ بِقَوْلِهِ: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ} {ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} إلَى قَوْلِهِ: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ} فِيهِ بَيَانُ حَالِ الْمُتَكَلِّمِينَ وَحَالِ الْمُتَعَبِّدِينَ الْمُجَادِلِينَ بِلَا عِلْمٍ وَالْعَابِدِينَ بِلَا عِلْمٍ بَلْ مَعَ الشَّكِّ لِأَنَّ هَذِهِ السُّورَةَ سُورَةُ الْمِلَّةِ الإبراهيمية الَّذِي جَادَلَ بِعَلَمِ وَعَبَدَ اللَّهَ بِعِلْمِ وَلِهَذَا ضُمِّنَتْ ذِكْرَ الْحَجِّ وَذِكْرَ الْمِلَلِ السِّتِّ. فَقَوْلُهُ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِلَا عِلْمٍ ذَمٌّ لِكُلِّ مَنْ جَادَلَ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ جَائِزٌ بِالْعِلْمِ كَمَا فَعَلَ إبْرَاهِيمُ بِقَوْمِهِ وَفِي الْأُولَى ذَمَّ الْمُجَادِلَ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَفِي الثَّانِيَةِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ. وَهَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ مِنْ بَابِ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ أَوْ الِانْتِقَالِ مِنْ الْأَدْنَى إلَى الْأَعْلَى لِيُبَيِّنَ أَنَّ الَّذِي يُجَادِلُ بِالْكِتَابِ أَعْلَاهُمْ ثُمَّ بِالْهُدَى فَالْعِلْمُ اسْمٌ جَامِعٌ ثُمَّ مِنْهُ مَا يُعْلَمُ بِالدَّلِيلِ الْقِيَاسِيِّ فَهُوَ أَدْنَى أَقْسَامِهِ فَيُخَصُّ