للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَ " بِالْجُمْلَةِ " فَهُمَا مُتَلَازِمَانِ. كُلُّ مَنْ أُمِرَ بِشَيْءِ فَقَدْ نُهِيَ عَنْ فِعْلِ ضِدِّهِ وَمَنْ نُهِيَ عَنْ فِعْلٍ فَقَدْ أُمِرَ بِفِعْلِ ضِدِّهِ كَمَا بُسِطَ فِي مَوْضِعِهِ؛ وَلَكِنْ لَفْظُ " الْأَمْرِ " يَعُمُّ النَّوْعَيْنِ وَاللَّفْظُ الْعَامُّ قَدْ يَخُصُّ أَحَدَ نَوْعَيْهِ بِاسْمِ وَيَبْقَى الِاسْمُ الْعَامُّ لِلنَّوْعِ الْآخَرِ فَلَفْظُ الْأَمْرِ عَامٌّ لَكِنْ خَصُّوا أَحَدَ النَّوْعَيْنِ بِلَفْظِ النَّهْيِ فَإِذَا قُرِنَ النَّهْيُ بِالْأَمْرِ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ أَحَدَ النَّوْعَيْنِ لَا الْعُمُومُ.

فَصْلٌ:

وَ " الْمَقْصُودُ " أَنَّ الِاسْتِغْفَارَ وَالتَّوْبَةَ يَكُونَانِ مِنْ كِلَا النَّوْعَيْنِ وَ " أَيْضًا " فَالِاسْتِغْفَارُ وَالتَّوْبَةُ مِمَّا فَعَلَهُ وَتَرَكَهُ فِي حَالِ الْجَهْلِ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ هَذَا قَبِيحٌ مِنْ السَّيِّئَاتِ وَقَبْلَ أَنْ يُرْسَلَ إلَيْهِ رَسُولٌ وَقَبْلَ أَنْ تَقُومَ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ قَالَ: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} . وَقَدْ قَالَ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ وَالرَّأْيِ: إنَّ هَذَا فِي الْوَاجِبَاتِ الشَّرْعِيَّةِ غَيْرِ الْعَقْلِيَّةِ. كَمَا يَقُولُهُ مَنْ يَقُولُهُ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ وَغَيْرِهِمْ: مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ وَغَيْرِهِمْ: مِثْلُ أَبِي الْخَطَّابِ وَغَيْرِهِ عَلَى أَنَّ الْآيَةَ عَامَّةٌ: لَا يُعَذِّبُ اللَّهُ أَحَدًا إلَّا بَعْدَ رَسُولٍ.