{فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا} ؟ قَدْ تَنَاوَلَهُ قَوْلُهُ: {وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا} . وَمِنْهُ قَوْلُ مُوسَى لِأَخِيهِ: {مَا مَنَعَكَ إذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا} {أَلَّا تَتَّبِعَنِي أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي} وَمُوسَى قَالَ لَهُ: {اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ} نَهْيٌ. وَهُوَ لَامَهُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَتَّبِعْهُ وَقَالَ: أَفَعَصَيْت أَمْرِي؟ وَعُبَّادُ الْعِجْلِ كَانُوا مُفْسِدِينَ. وَقَدْ جَعَلَ هَذَا كُلَّهُ أَمْرًا. وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} فَهُمْ لَا يَعْصُونَهُ إذَا نَهَاهُمْ وَقَوْلُهُ عَنْ الرَّسُولِ: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} فَمَنْ رَكِبَ مَا نُهِيَ عَنْهُ فَقَدْ خَالَفَ أَمْرَهُ وَقَالَ تَعَالَى: {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى} وَإِنَّمَا كَانَ فِعْلًا مَنْهِيًّا عَنْهُ. وَقَوْلُهُ: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} هُوَ يَتَنَاوَلُ مَا نُهِيَ عَنْهُ أَقْوَى مِمَّا يَتَنَاوَلُ مَا أُمِرَ بِهِ فَإِنَّهُ قَالَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: {إذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ. وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرِ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ} ". وَقَوْلُهُ: {يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ} فَالْمَعْصِيَةُ مُخَالِفَةُ الْأَمْرِ وَمُخَالِفُ النَّهْيِ عَاصٍ؛ فَإِنَّهُ مُخَالِفُ الْأَمْرِ وَفَاعِلُ الْمَحْظُورِ قَدْ يَكُونُ أَظْهَرَ مَعْصِيَةً مِنْ تَارِكِ الْمَأْمُورِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute