للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النَّاسُ. فَقَالَ: إنَّهُ لَمْ يَعْنِ هَذَا وَإِنَّمَا أَرَادَ الْمُبْتَدِعَ فِي دِينِهِ وَالْفَاجِرَ فِي دُنْيَاهُ. وَقَدْ بَسَطْت الْكَلَامَ عَلَى " النَّوْعَيْنِ " فِي مَوَاضِعَ. كَمَا ذَكَرْنَا فِي " اقْتِضَاءِ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ " الْكَلَامُ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلَاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلَاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلَاقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا} وَبَسْطُ هَذَا لَهُ مَوْضِعٌ آخَرُ. فَإِنَّ تَرْكَ الْوَاجِبِ وَفِعْلَ الْمُحَرَّمِ مُتَلَازِمَانِ؛ وَلِهَذَا كَانَ مَنْ فَعَلَ مَا نُهِيَ عَنْهُ يُقَالُ: إنَّهُ عَصَى الْأَمْرَ. وَلَوْ قَالَ لَهَا: إنْ عَصَيْت أَمْرِي فَأَنْتِ طَالِقٌ. فَنَهَاهَا فَعَصَتْهُ فَفِيهِ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا أَنَّهَا تُطَلَّقُ وَبَعْضُ الْفُقَهَاءِ يُعَلِّلُ ذَلِكَ بِأَنَّ هَذَا يُعَدُّ فِي الْعُرْفِ عَاصِيًا وَيَجْعَلُونَ هَذَا فِي الْأَصْلِ نَوْعَيْنِ. وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ كُلَّ نَهْيٍ فَفِيهِ طَلَبٌ وَاسْتِدْعَاءٌ لِمَا يَقْصِدُهُ النَّاهِي. فَهُوَ أَمْرٌ فَالْأَمْرُ يَتَنَاوَلُ هَذَا وَهَذَا. وَمِنْهُ قَوْلُ الْخَضِرِ لِمُوسَى: {إنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا} {وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا} {قَالَ سَتَجِدُنِي إنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا} . وَقَالَ لَهُ: {فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا} . فَقَوْلُهُ: