بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَهْم يَجْمَعُونَ فِي تِلْكَ الْمَنَازِلِ فَلَا يُنْكِرُ عَلَيْهِمْ. فَهَذَا عُمَرُ يَأْمُرُ أَهْلَ الْبَحْرِينِ بِالتَّجْمِيعِ حَيْثُ اسْتَوْطَنُوا مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّ بَعْضَ الْبُيُوتِ تَكُونُ مِنْ جَرِيدٍ وَلَمْ يَشْتَرِطْ بِنَاءً مَخْصُوصًا وَكَذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ أَقَرَّ أَهْلَ الْمَنَازِلِ الَّتِي بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ عَلَى التَّجْمِيعِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ مِنْ مَدَرٍ وَإِنَّمَا هِيَ إمَّا مِنْ جَرِيدٍ أَوْ سَعَفٍ. وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَد: لَيْسَ عَلَى الْبَادِيَةِ جُمُعَةٌ لِأَنَّهُمْ يَنْتَقِلُونَ. فَعَلَّلَ سُقُوطَهَا بِالِانْتِقَالِ فَكُلُّ مَنْ كَانَ مُسْتَوْطِنًا لَا يَنْتَقِلُ بِاخْتِيَارِهِ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَؤُلَاءِ وَبَيْنَ أَهْلِ الْخِيَامِ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ أُولَئِكَ فِي الْعَادَةِ الْغَالِبَةِ لَا يَسْتَوْطِنُونَ مَكَانًا بِعَيْنِهِ وَإِنْ اسْتَوْطَنَ فِرَقٌ مِنْهُمْ مَكَانًا فَهُمْ فِي مَظِنَّةِ الِانْتِقَالِ عَنْهُ بِخِلَافِ هَؤُلَاءِ الْمُسْتَوْطِنِينَ الَّذِينَ يحترثون ويزدرعون وَلَا يَنْتَقِلُونَ إلَّا كَمَا يَنْتَقِلُ أَهْلُ أَبْنِيَةِ الْمَدَرِ. إمَّا لِحَاجَةٍ تَعْرِضُ أَوْ لِيَدٍ غَالِبَةٍ تَنْقُلُهُمْ كَمَا تَفْعَلُهُ الْمُلُوكُ مَعَ الْفَلَّاحِينَ. الثَّانِي: أَنَّ بُيُوتَ أَهْلِ الْخِيَامِ يَنْقُلُونَهَا مَعَهُمْ إذَا انْتَقَلُوا فَصَارَتْ مِنْ الْمَنْقُولِ لَا مِنْ الْعَقَارِ بِخِلَافِ الْخَشَبِ وَالْقَصَبِ وَالْجَرِيدِ فَإِنَّ أَصْحَابَهَا لَا يَنْقُلُونَهَا لِيَبْنُوا بِهَا فِي الْمَكَانِ الَّذِي يَنْتَقِلُونَ إلَيْهِ وَإِنَّمَا يَبْنُونَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute