وَأَنَّ هَذَا مِنْ أَعْظَمِ طُرُقِ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ فَجَعَلُوا الرِّضَا بِكُلِّ حَادِثٍ وَكَائِنٍ أَوْ بِكُلِّ حَالٍ يَكُونُ فِيهَا لِلْعَبْدِ طَرِيقًا إلَى اللَّهِ فَضَلُّوا ضَلَالًا مُبِينًا. وَالطَّرِيقُ إلَى اللَّهِ إنَّمَا هِيَ أَنْ تُرْضِيَهُ بِأَنْ تَفْعَلَ مَا يُحِبُّهُ وَيَرْضَاهُ لَيْسَ أَنْ تَرْضَى بِكُلِّ مَا يَحْدُثُ وَيَكُونُ فَإِنَّهُ هُوَ لَمْ يَأْمُرْك بِذَلِكَ وَلَا رَضِيَهُ لَك وَلَا أَحَبَّهُ؛ بَلْ هُوَ سُبْحَانَهُ يَكْرَهُ وَيَسْخَطُ وَيُبْغِضُ عَلَى أَعْيَانِ أَفْعَالٍ مَوْجُودَةٍ لَا يُحْصِيهَا إلَّا هُوَ. وَوِلَايَةُ اللَّهِ مُوَافَقَتُهُ بِأَنْ تُحِبَّ مَا يُحِبُّ وَتُبْغِضَ مَا يُبْغِضُ وَتَكْرَهَ مَا يَكْرَهُ وَتَسْخَطَ مَا يَسْخَطُ وَتُوَالِيَ مَنْ يُوَالِي وَتُعَادِي مَنْ يُعَادِي. فَإِذَا كُنْت تُحِبُّ وَتَرْضَى مَا يَكْرَهُهُ وَيَسْخَطُهُ كُنْت عَدُوَّهُ لَا وَلِيَّهُ وَكَانَ كُلُّ ذَمٍّ نَالَ مَنْ رَضِيَ مَا أَسْخَطَ اللَّهَ قَدْ نَالَك. فَتَدَبَّرْ هَذَا؛ فَإِنَّهُ يُنَبِّهُ عَلَى أَصْلٍ عَظِيمٍ ضَلَّ فِيهِ مِنْ طَوَائِفِ النُّسَّاكِ وَالصُّوفِيَّةِ وَالْعُبَّادِ وَالْعَامَّةِ مَنْ لَا يُحْصِيهِمْ إلَّا اللَّهُ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُمْ لَا يُفَرِّقُونَ بَيْنَ الدُّعَاءِ الَّذِي أُمِرُوا بِهِ أَمْرَ إيجَابٍ وَأَمْرَ اسْتِحْبَابٍ وَبَيْنَ الدُّعَاءِ الَّذِي نُهُوا عَنْهُ أَوْ لَمْ يُؤْمَرُوا بِهِ وَلَمْ يُنْهَوْا عَنْهُ فَإِنَّ دُعَاءَ الْعَبْدِ لِرَبِّهِ وَمَسْأَلَتَهُ إيَّاهُ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ: " نَوْعٌ " أَمْرُ الْعَبْدِ بِهِ إمَّا أَمْرُ إيجَابٍ وَإِمَّا أَمْرُ اسْتِحْبَابٍ: مِثْلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute