يَذْكُرُهَا أَوْ لَا يَجْسُرُ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِذَلِكَ فَيَكُونَ هُوَ الْمُضَيِّعَ لِحَقِّهِ حَيْثُ لَمْ يُبَيِّنْ حُجَّتَهُ وَالْحَاكِمُ لَمْ يَحْكُمْ إلَّا بِعِلْمِ وَعَدْلٍ وَضَيَاعُ حَقِّ هَذَا كَانَ مِنْ عَجْزِهِ وَتَفْرِيطِهِ لَا مِنْ الْحَاكِمِ. وَهَكَذَا أَدِلَّةُ الْأَحْكَامِ فَإِذَا تَعَارَضَ خَبَرَانِ أَحَدُهُمَا مُسْنَدٌ ثَابِتٌ وَالْآخَرُ مُرْسَلٌ كَانَ الْمُسْنَدُ الثَّابِتُ أَقْوَى مِنْ الْمُرْسَلِ وَهَذَا مَعْلُومٌ؛ لِأَنَّ الْمُحَدِّثَ بِهَذَا قَدْ عَلِمَ عَدْلَهُ وَضَبْطَهُ وَالْآخَرَ لَمْ يَعْلَمْ عَدْلَهُ وَلَا ضَبْطَهُ كَشَاهِدَيْنِ زَكَّى أَحَدُهُمَا وَلَمْ يُزَكِّ الْآخَرُ فَهَذَا الْمُزَكِّي أَرْجَحُ وَإِنْ جَازَ أَنْ يَكُونَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ قَوْلُ الْآخَرِ هُوَ الْحَقَّ؛ لَكِنَّ الْمُجْتَهِدَ إنَّمَا عَمِلَ بِعِلْمِ وَهُوَ عِلْمُهُ بِرُجْحَانِ هَذَا عَلَى هَذَا؛ لَيْسَ مِمَّنْ لَمْ يَتَّبِعْ إلَّا الظَّنَّ وَلَمْ يَكُنْ تَبَيَّنَ لَهُ إلَّا بَعْدَ الِاجْتِهَادِ التَّامِّ فِيمَنْ أَرْسَلَ ذَلِكَ الْحَدِيثَ وَفِي تَزْكِيَةِ هَذَا الشَّاهِدِ فَإِنَّ الْمُرْسَلَ قَدْ يَكُونُ رَاوِيهِ عَدْلًا حَافِظًا كَمَا قَدْ يَكُونُ هَذَا الشَّاهِدُ عَدْلًا. وَنَحْنُ لَيْسَ مَعَنَا عِلْمٌ بِانْتِفَاءِ عَدَالَةِ الرَّاوِي لَكِنَّ مَعَنَا عَدَمَ الْعِلْمِ بِعَدَالَتِهِمَا وَقَدْ لَا تُعْلَمُ عَدَالَتُهُمَا مَعَ تَقْوِيَتِهَا وَرُجْحَانِهَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَمِنْ هُنَا يَقَعُ الْخَطَأُ فِي الِاجْتِهَادِ؛ لَكِنَّ هَذَا لَا سَبِيلَ إلَى أَنْ يُكَلِّفَهُ الْعَالِمُ أَنْ يَدَعَ مَا يَعْلَمُهُ إلَى أَمْرٍ لَا يَعْلَمُهُ لِإِمْكَانِ ثُبُوتِهِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَإِذَا كَانَ لَا بُدَّ مِنْ تَرْجِيحِ أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَجَبَ تَرْجِيحُ هَذَا الَّذِي عُلِمَ ثُبُوتُهُ عَلَى مَا لَا يُعْلَمُ ثُبُوتُهُ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ انْتِفَاؤُهُ مِنْ جِهَتِهِ فَإِنَّهُمَا إذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute