للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَصْلٌ:

وَلَفْظُ " الْيَمِينِ " فِي كِتَابِ اللَّهِ؛ وَكَذَا فِي لَفْظِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِينَ خُوطِبُوا بِالْقُرْآنِ أَوَّلًا يَتَنَاوَلُ عِنْدَهُمْ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ بِاَللَّهِ بِأَيِّ لَفْظٍ كَانَ الْحَلِفُ وَبِأَيِّ اسْمٍ مِنْ أَسْمَائِهِ كَانَ الْحَلِفُ. وَكَذَلِكَ الْحَلِفُ بِصِفَاتِهِ كَعِزَّتِهِ و. . . وَأَحْكَامُهُ كَالتَّحْرِيمِ وَالْإِيجَابِ؛ فَإِنَّ التَّحْرِيمَ وَالْإِيجَابَ مِنْ أَحْكَامِهِ. وَالْحَالِفُ إذَا قَالَ: أَحْلِفُ بِاَللَّهِ لَيَكُونَنَّ. فَهُوَ قَدْ الْتَزَمَ ذَلِكَ الْفِعْلَ وَأَوْجَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ حَرَّمَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَعَقَدَ الْيَمِينَ بِاَللَّهِ؛ فَجَعَلَ لُزُومَ الْفِعْلِ مَعْقُودًا بِاَللَّهِ لِئَلَّا يُمْكِنَ فَسْخُهُ وَنَقْضُهُ فَمُوجَبُ يَمِينِهِ فِي نَفْسِهَا لُزُومُ ذَلِكَ الْفِعْلِ لَهُ أَوْ انْتِقَاضُ إيمَانِهِ بِاَللَّهِ الَّذِي عَقَدَ بِهِ الْيَمِينَ. وَهَذَا الثَّانِي لَا سَبِيلَ لَهُ إلَيْهِ فَتَعَيَّنَ الْأَوَّلُ؛ لَكِنَّ الشَّارِعَ فِي شَرِيعَتِنَا لَمْ يَجْعَلْ لَهُ وِلَايَةَ التَّحْرِيمِ عَلَى نَفْسِهِ وَالْإِيجَابَ عَلَى نَفْسِهِ مُطْلَقًا؛ بَلْ شَرَعَ لَهُ تَحِلَّةَ يَمِينِهِ وَشَرَعَ لَهُ الْكَفَّارَةَ الرَّافِعَةَ لِمُوجَبِ الْإِثْمِ الْحَاصِلِ بِالْحِنْثِ فِي الْيَمِينِ إذَا كَانَ الْحِنْثُ وَالتَّكْفِيرُ خَيْرًا مِنْ الْمُقَامِ عَلَى الْيَمِينِ. وَقَدْ تَنَازَعَ الْفُقَهَاءُ فِي " الْيَمِينِ " هَلْ تَقْتَضِي إيجَابًا وَتَحْرِيمًا تَرْفَعُهُ الْكَفَّارَةُ؟ أَوْ لَا تَقْتَضِي ذَلِكَ؟ أَوْ هِيَ مُوجِبَةٌ لِذَلِكَ لَوْلَا مَا جَعَلَهُ الشَّرْعُ مَانِعًا مِنْ هَذَا الِاقْتِضَاءِ؟ عَلَى " ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ " أَصَحُّهَا " الثَّالِثُ " كَمَا سَنُنَبِّهُ عَلَيْهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.