للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَصْلٌ:

وَلَمَّا أَعْرَضَ كَثِيرٌ مِنْ أَرْبَابِ الْكَلَامِ وَالْحُرُوفِ وَأَرْبَابِ الْعَمَلِ وَالصَّوْتِ عَنْ الْقُرْآنِ وَالْإِيمَانِ: تَجِدُهُمْ فِي الْعَقْلِ عَلَى طَرِيقِ كَثِيرٍ مِنْ الْمُتَكَلِّمَةِ يَجْعَلُونَ الْعَقْلَ وَحْدَهُ أَصْلَ عِلْمِهِمْ وَيُفْرِدُونَهُ وَيَجْعَلُونَ الْإِيمَانَ وَالْقُرْآنَ تَابِعَيْنِ لَهُ. وَالْمَعْقُولَاتُ عِنْدَهُمْ هِيَ الْأُصُولُ الْكُلِّيَّةُ الْأَوَّلِيَّةُ الْمُسْتَغْنِيَةُ بِنَفْسِهَا عَنْ الْإِيمَانِ وَالْقُرْآنِ. وَكَثِيرٌ مِنْ الْمُتَصَوِّفَةِ يَذُمُّونَ الْعَقْلَ وَيَعِيبُونَهُ وَيَرَوْنَ أَنَّ الْأَحْوَالَ الْعَالِيَةَ وَالْمَقَامَاتِ الرَّفِيعَةَ لَا تَحْصُلُ إلَّا مَعَ عَدَمِهِ وَيُقِرُّونَ مِنْ الْأُمُورِ بِمَا يُكَذِّبُ بِهِ صَرِيحُ الْعَقْلِ. وَيَمْدَحُونَ السُّكْرَ وَالْجُنُونَ وَالْوَلَهَ وَأُمُورًا مِنْ الْمَعَارِفِ وَالْأَحْوَالِ الَّتِي لَا تَكُونُ إلَّا مَعَ زَوَالِ الْعَقْلِ وَالتَّمْيِيزِ كَمَا يُصَدِّقُونَ بِأُمُورِ يُعْلَمُ بِالْعَقْلِ الصَّرِيحِ بُطْلَانُهَا مِمَّنْ لَمْ يُعْلَمْ صِدْقُهُ وَكِلَا الطَّرَفَيْنِ مَذْمُومٌ، بَلْ الْعَقْلُ شَرْطٌ فِي مَعْرِفَةِ الْعُلُومِ وَكَمَالِ وَصَلَاحِ الْأَعْمَالِ وَبِهِ يَكْمُلُ الْعِلْمُ