مَالِكٍ أَنْ يَجْلِدَهُ مِائَةً وَيَحْبِسَهُ سَنَةً. فَهَذَا التَّعْزِيرُ يُحَصِّلُ الْمَقْصُودَ. وَعَلَى هَذَا فَإِذَا كَانَ أَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولِ قَدْ رَضَوْا بِقَتْلِ صَاحِبِهِمْ فَلَا أَرْغَمَ اللَّهُ إلَّا بِآنَافِهِمْ. وَإِذَا قِيلَ: تُوضَعُ الدِّيَةُ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ عَلَى أَهْلِ الْمَكَانِ مَعَ الْقَسَامَةِ فِي الدِّيَةِ لِوَرَثَةِ الْمَقْتُولِ؛ لَا لِبَيْتِ الْمَالِ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ أَنَّ دِيَةَ الْمَقْتُولِ لِبَيْتِ الْمَالِ. وَكَذَلِكَ لَا تُوضَعُ الدِّيَةُ بِدُونِ قَسَامَةٍ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ. وَهَؤُلَاءِ الْمَعْرُوفُونَ بِالْفِتَنِ وَالْفَسَادِ لِوَلِيِّ الْأَمْرِ أَنْ يُمْسِكَ مِنْهُمْ مَنْ عُرِفَ بِذَلِكَ فَيَحْبِسَهُ؛ وَلَهُ أَنْ يَنْقُلَهُ إلَى أَرْضٍ أُخْرَى لِيَكُفَّ بِذَلِكَ عِدْوَانَهُ؛ وَلَهُ أَنْ يُعَزِّرَ أَيْضًا مَنْ ظَهَرَ مِنْهُ الشَّرُّ لِيَكُفَّ بِهِ شَرَّهُ وَعُدْوَانَهُ. فَفِي الْعُقُوبَاتِ الْجَارِيَةِ عَلَى سُنَنِ الْعَدْلِ وَالشَّرْعِ مَا يَعْصِمُ الدِّمَاءَ وَالْأَمْوَالَ وَيُغْنِي وُلَاةَ الْأُمُورِ عَنْ وَضْعِ جِبَايَاتٍ تُفْسِدُ الْعِبَادَ وَالْبِلَادَ. وَمَنْ اُتُّهِمَ بِقَتْلِ وَكَانَ مَعْرُوفًا بِالْفُجُورِ فَلِوَلِيِّ الْأَمْرِ عِنْدَ طَائِفَةٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ أَنْ يُعَاقِبَهُ تَعْزِيزًا عَلَى فُجُورِهِ وَتَعْزِيرًا لَهُ وَبِهَذَا وَأَمْثَالِهِ يَحْصُلُ مَقْصُودُ السِّيَاسَةِ الْعَادِلَةِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَسُئِلَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -:
عَمَّنْ قَالَ: أَنَا ضَارِبُهُ وَاَللَّهُ قَاتِلُهُ؟
فَأَجَابَ:
الْحَمْدُ لِلَّهِ، هَذَا يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ مَا يَجِبُ عَلَى الْقَاتِلِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَاَللَّهُ قَاتِلُهُ. إنْ أَرَادَ بِهِ أَنَّ اللَّهَ قَابِضٌ رُوحَهُ أَوْ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْمُمِيتُ كُلَّ أَحَدٍ وَهُوَ خَالِقُ أَفْعَالِ الْعِبَادِ وَنَحْوَ ذَلِكَ: فَهَذَا لَا يَنْدَفِعُ عَنْهُ مُوجَبُ الْقَتْلِ بِذَلِكَ؛ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ مَا يَجِبُ عَلَى الْقَاتِلِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute